رئيس التحرير
عصام كامل

ننشر نص كلمة سامح شكري في الاجتماع الوزاري للقمة العربية


قال سامح شكري - وزير الخارجية - إن السبب وراء دعم مصر السياسي والعسكري لدول تحالف الدعم العربي تجاه اليمن، هو تواجد جماعة تحاول فرض سياسة الأمر الواقع بالقوة، فضلًا عن تلبية نداء الرئيس اليمني عبد ربه منصور للدول العربية بضرورة التدخل العسكري.


وقال خلال المؤتمر الوزاري التحضيري للقمة العربية: إن مصر تتابع ما يحدث في اليمن من انقضاض على المؤسسات الشرعية وانتشار لأعمال العنف والإرهاب، الأمر الذي طالما أعلنت مصر رفضها الكامل له، وطالبت بالتنفيذ التام لمخرجات الحوار الوطني واحترام الشرعية.

وركز على أنه اتصالا بالتطورات الجارية، أعلنت مصر دعمها السياسي والعسكري للخطوة التي اتخذها ائتلاف الدول الداعمة للحكومة الشرعية في اليمن استجابةً لطلبها، وذلك انطلاقًا من مسئولياتها التاريخية تجاه الأمن القومي العربي وأمن منطقة الخليج العربي.

وأوضح أن مصر تنسق حاليًا مع المملكة العربية السعودية ودول الخليج الشقيقة، بشأن ترتيبات المشاركة بقوة جوية وبحرية مصرية، وقوة برية إذا ما لزم الأمر، في إطار عمل الائتلاف، وذلك دفاعًا عن أمن واستقرار اليمن وحفاظًا على وحدة أراضيه وصيانةً لأمن الدول العربية الشقيقة.

وإليكم نص الكلمة..
أود في البداية أن أرحب بكم جميعًا في بلدكم جمهورية مصر العربية، في افتتاح أعمال اجتماع وزراء الخارجية التحضيري لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة في دورتها العادية السادسة والعشرين، متوجهًا بأسمى عبارات التقدير لمعالي الشيخ صباح خالد الحمد الصباح، النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء ووزير خارجية دولة الكويت، على جهوده الحثيثة أثناء ترؤسِ بلاده القمة العربيةَ في دورتها الخامسة والعشرين.

2-
كما لا يفوتني أن أتوجه بالشكر إلى الأمانة العامة لجامعة الدول العربية وكافة مسئوليها، وعلى رأسهم معالي الدكتور نبيل العربي، على العمل الجاد من جانبهم؛ تيسيرًا لإدارة أعمال مجلس الجامعة العربية على كافة المستويات.

أصحاب السمو والمعالي.. السيدات والسادة
إن الأمن القومي العربي كان وما زال يواجه تحديات كبيرة تتعلق باستعادة دور الدولة في منطقتنا؛ للحيلولة دون توسع الصراعات والنزاعات الطائفية، التي ضاعفت التحدي الذي يمثله خطر الإرهاب، الأمر الذي يستدعي اعتماد إجراءات وتدابير فاعلة للتصدي لهذه الظاهرة، وتجفيف منابِعها، مع مراعاة ألا تقتصر مجابهتنا لهذه الآفة المدمرة على البعدين الأمني والعسكري، وعلى الرغم من الضرورة القصوى للمضي قدمًا في تعزيز الحلول العسكرية والأمنية في الوقت الراهن؛ للحد من تفشي هذه الظاهرة وتمددها عبر الحدود، إلا أن المجابهة الشاملة تستوجب تبني إستراتيجية أوسع تراعي جميع الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والثقافية المتداخلة.

3 - 
أصحاب السمو والمعالي..

إن ما تشهده الساحة اليمنية من تطورات بالغة الخطورة، لم تكن لتقف عند حدود اليمن إن لم يتم تداركها من خلالِ تحرك سريع وفاعل، إن موقفنا من الأزمة هناك يقوم على رفض القفز على الشرعية وفرضِ سياسة الأمرِ الواقع بالقوة، ولذا فإن دعمنا أكيد لمؤسسات ورموز الدولة الشرعية.. التي يتعين تمكينها من القيام بمسئولياتها القومية من أجل الحفاظ على وحدة الأراضي اليمنية ومصالح شعب اليمن العزيز.

4 -
شهدت اليمن اضطرابات سعى على إثرها الأشقاء في الخليج بدعم من القوى اليمنية الوطنية، لصياغة مبادرة هدفت لوضع اليمن على طريق الاستقرار والتحول الديمقراطي، إلا أن بعض المتآمرين في الداخل والطامعين في الخارج أرادوا اختطاف اليمن وتحدي إرادة أبنائها وإقصائهم، فكان لزامًا على ائتلاف من الدول العربية من منطلق التضامن مع شعب اليمن ورئيسه، وإنفاذًا لإرادته المتمثلة في التوافق على المبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية ومخرجات الحوار الوطني واتفاق السلم والشراكة الوطنية، كان لزامًا عليها أن تلبي نداء الرئيس عبد ربه منصور هادي وحكومته، وقد أعلنت مصر عن دعمها سياسيًا وعسكريًا، وكذلك عن ترتيب المشاركة مع الائتلاف بقوة جوية وبحرية مصرية وقوة برية إذا ما لزم الأمر، على ضوء مسئولية مصر التاريخية والراسخة تجاه الأمن القومي العربي وأمن الخليج العربي.

5 -
أصحاب السمو والمعالي..
لا تزال قضيتنا المركزية.. فلسطين.. في صدارة جدولِ أعمالنا، فستظل القضية الفلسطينية في مقدمة اهتماماتنا وشواغلنا.. حتى يتحقق السلام الشامل والعادل في المنطقة.. الذي سيكون نتيجة لتمكين الشعب الفلسطيني من استرداد كامل حقوقه الثابتة في كل مقررات الشرعية الدولية، لن يهدأَ بالنا حتى تتحقق إقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية، وفي طريق الوصول لهذه الغاية العادلة، لا بد من مواصلة الضغط حتى ينهض المجتمع الدولي بمسئولياته؛ للوقوف بصرامة أمام السياسات والممارسات الإسرائيلية التي تقوض الأمل في حل القضية الفلسطينية.

6 -
إن وقوفنا إلى جانب الشعب الفلسطيني سيستمر على كل المستويات، ومن هنا جاءت استضافة مصر لمؤتمر إعادة إعمار غزة في أكتوبر الماضي، إننا نجدد دعوتنا للدولِ المانحة للوفاء بتعهداتها التي قطعتها على نفسها خلال هذا المؤتمرِ، بغية تخفيف حدة الأزمة الإنسانية التي يمر بها أهلنا في قطاع غزة.

أصحاب السمو والمعالي..
غني عن البيان دواعي اهتمام مصر البالغ بما يدور على الأراضي الليبية، فلا يمكننا الصمت إزاء تصاعد وتيرة الاقتتال.. وما يرتبط به من استفحال للتنظيمات الإرهابية.. في دولة جوار نشترك معها في حدود برية وبحرية.

7 -
موقفنا واضح جلي عبرنا عنه في مختلف المناسبات، نعترف بشرعية البرلمان المنتخب والحكومة المنبثقة عنه، فهما الجهتان الممثلتان للإرادة الحرة للشعب الليبي من خلال انتخابات لم يقدح أحد في نزاهتها، ونرى ضرورة دعم هذه الحكومة الشرعية لتتحمل المسئوليةَ الملقاة على عاتقها تجاه الشعب الليبي من ناحية، وتجاه الأمن الإقليمي من ناحية أخرى، وذلك لحين تشكيل حكومة الوحدة المأمولة وحصولها على ثقة مجلس النواب.

وأما عنِ الحوارِ السياسي الجاري برعاية أممية بغية التوفيقِ بين الفرقاء الليبيين ممن قبلوا الانخراط في العملية السياسية واختاروا نبذ العنف منهجًا، فالدعم كل الدعم لهذه العملية السياسية حتى تتحقق أهدافها.. وتعكس نتائجها التوافق المأمول.. وتحفظ لليبيا وحدة أراضيها.. وتبدأ في العمل على الاستجابة لتطلعات الشعب الليبي.

8 -
أصحاب السمو والمعالي..

لا اختلاف على وصف الوضع في سوريا بالمأساوِي، فهذا وصف استقر الجميع عليه منذ تعمقت الأزمة السورية، لقد انخرطت مصر عبر أدواتها الدبلوماسية في كلِ الجهود الرامية إلى التوصلِ لحل سياسي يسطر نهاية لهذه الأزمة، ويحفظ وحدة وسلامة سوريا، ويحقق تطلعات الشعب السوري المشروعة. 

واستمرارًا على ذات الخط، واضطلاعًا بما يمليه علينا الحس العربي من مسئولية تجاه سوريا وشعبِها، فإن مساعينا تتجه خلال المرحلة الحالية نحو فتح المجال لتعبير قُوى المعارضة الوطنية السورية بشكل موسع عن رؤيتها للحل السياسي المقبول، ونأمل الوصول إلى هذه المحطة المركزية على طريق الحل السياسي الشامل.

9 -
من خلال الاجتماع الثاني لقُوى المعارضة الوطنية السورية الذي ستستضيفه القاهرة في الربيع الحالي، وفي هذا السياق ندعو المجتمع الدولي والدول المؤثرة على الوضع في سوريا، للعمل وفق إرادة سياسية حازمة على الدفع بالحل السياسي في إطار وثيقة جنيف.

10 -
أصحاب السمو والمعالي..
لعل من أهم التحديات التي تواجه الأمن القومي العربي، تلك المرتبطةُ بإخلاء منطقة الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل، وقد أثمرت الجهود العربية خلال السنوات الماضية، عن عدد معتبر من القرارات والالتزامات الدولية، ولكنها – وللأسف – لم تجد طريقَها إلى التنفيذ، خاصة في ظل عدم اكتراث إسرائيل بهذه الالتزامات الدولية من خلال رفضها الانضمام لمعاهدة عدم الانتشار النووي، وإصرارها على استمرار امتلاكها لترسانة نووية ضخمة، الأمر الذي يمثل تهديدًا صارخًا للأمن القومي العربي الجماعي، ويشكل اختلالًا في ميزانِ العدالة الدولية.

يتطلب الأمر منا إعادة تقييم الموقف برمته، ووضع تصور كامل لخطوات التحرك العربي في الفترة المقبلة، خاصة على ضوء قُرب انعقاد مؤتمر عام 2015 لمراجعة معاهدة الانتشار النووي.

11 -
أصحاب السمو والمعالي..

إن واجبنا يحتم علينا أن نأخذ بعين الاعتبار حالة الإحباط التي تنتاب المواطن العربي، بعد أن سئم الحديث عن نجاحات العمل العربي المشترك دون أن يرى لها أثرًا ملموسًا على الأرض يشعر به. 

لقد قطعت اللجنة رفيعة المستوى لإصلاح وتطويرِ الجامعة العربية، شوطًا هامًا في مضمار تفعيل دور الجامعة العربية وتحديث آلياتها وتطوير أجهزتها، ولعل مشروعي الميثاق الجديد والنظام الأساسي لمجلس السلم والأمن العربي من الأمور التي ستناقشها قمتنا هنا في شرم الشيخ، إني أتطلع إلى أن تنال هذه الموضوعات القَدر الذي تستحقه من الدراسة والعناية خلال أعمال هذه القمة.

12 -
أصحاب السمو والمعالي..

إن هذه المرحلة المفصلية التي تمر بها دولنا العربية تتطلب – من منطلق المسئولية أمام الله وأمام شعوبنا – أن تكون المبادرة هي عنوان عملنا العربي المشترك في الفترة القادمة، وحتى نتمكن من دفع الأمور في اتجاه مصالح أمتنا وشعوبنا.. صونًا لأمنها واستقرارها ووحدتها، بدلًا من أن يكون تحركنا محصورًا في دائرة رد الفعل للتغيرات المتلاحقة والمتسارعة التي تعصف بمنطقتنا من كل جانب.

إن مستقبل الأمة العربية مرتبط في السنوات القادمة بمدى نجاحنا في التعامل مع التحديات التي نواجهها اليوم في ظل ظروف بالغة الصعوبة والتشابك، فقد فرضت القضايا العربية الساخنة نفسها وبقوة على جدول أعمال هذه القمة، وهي قضايا تتعلق جميعها بالأمن القومي العربي الجماعي بشكل مباشر أو غير مباشر، والأمل يحدونا في أن تصدر عن هذه القمة، قرارات تتضمن تحركات عربية جماعية تتسم بالفعالية والتأثير والجرأة والسرعة.

13 -
وفي هذا الصدد، فقد طرحت مصر إنشاء قوة عسكرية عربية مشتركة تكون قادرة على التعامل مع هذه التحديات؛ تجسيدًا لإرداتنا الجامعة بشكل عملي، وتأكيدًا على امتلاك العرب لمصيرهم وقدرتهم على حماية أمنهم القومي بإمكاناتهم الذاتية، ونأمل أن تتخذ قمتنا هذه القرار المناسب في سبيل تفعيل هذه المبادرة.

وفي خاتمة كلمتي، أود التأكيد على أن المرحلة الحالية مليئة بالفرص كما هي مليئة بالتحديات، وكلي رجاء أن تكون هذه القمة العربيةُ بمثابة بداية لمرحلة جديدة من تاريخ أمتنا العربية، يحفها الأمل في مستقبل أفضل يكون مبعث فخر واعتزاز للأجيال المقبلة.
الجريدة الرسمية