رئيس التحرير
عصام كامل

إهدار المال العام في المشروعات القومية «نزيف مستمر».. توشكى خاسرة.. و«الوزراء» يمنحه قبلة الحياة..عقبات طبيعية تجعل من نجاحه صعبا.. و«المحاسبات» يؤكد إهدار نصف مليار جنيه


مشروعات براقة في أول الأمر، ثم مرتع لإهدار المال العام، هكذا تقول التقارير الحكومية المكلفة بمراقبة أموال الدولة.

وأكد تقرير للجهاز المركزي للمحاسبات، وجود إهدار مال عام في مشروعات الظهير الصحراوي التي لم تكن هي الوحيدة التي تسببت في الإهدار، فهناك عدد من المشروعات التي تقوم بنفس الأمر، كما أكد عدد من المختصين في تلك المشاريع، ومن أبرز هذه التقارير ما ترصده "فيتو" في السطور التالية.


مشروع توشكى

مفيض توشكى أو بحيرات توشكى هو مفيض طبيعي لتصريف المياه الزائدة خلف السد العالي بأسوان ووجوده ساعد على إنشاء مشروع توشكى القومي الموجود الآن في منطقة توشكى بمدينة أبو سمبل السياحية جنوب محافظة أسوان. وقد دخلت المياه إلى مفيض توشكى لأول مرة في 15 أكتوبر 1996 حيث وصل منسوب المياه أمام السد العالي إلى 55 و178 مترا.

وكان الهدف من مشروع توشكى هو استصلاح 540 ألف فدان في جنوب الوادي الجديد بتوشكى، وتتولى الوزارة أعمال البنية القومية وإدارتها وتشغيلها وصيانتها، على أن يقوم المستثمرون والشركات المخصص لها أراض بتنفيذ أعمال البنية الداخلية وتشغيلها (شبكات الري والصرف) بمعرفتها وتحت إشراف وزارة الرى والموارد المائية، إلا أن المشروع باء بالفشل وإهدار للمال العام.

قبلة الحياة

ورغم الانتقادات التي تم توجيهها لمشروع توشكى، إلا أن مجلس الوزراء كان له رأي آخر، وأعلن خلال الاجتماع الأسبوعي للحكومة برئاسة المهندس إبراهيم محلب منذ شهرين، إدراج مشروع مدينة توشكى الجديدة بخطة هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة للعام المالي الحالي، باستثمارات قدرها 187.5 مليون جنيه كتمويل ذاتي.

المليون فدان

وقامت وزارة الزراعة باختيار المناطق الخاصة بخطة استصلاح المليون فدان بعناية، وهي مقسمة على 11 منطقة، وهى مشروع توشكى 108 آلاف فدان، وآبار توشكى 30 ألف فدان، والفرافرة القديمة 200 ألف فدان، والفرافرة الجديدة 100 ألف فدان، والداخلة 50 ألف فدان، وامتداد شرق العوينات 50 ألف فدان، وجنوب منخفض القطارة 50 ألف فدان، ومشروع غرب المنيا 200 ألف فدان، ومنطقة المغرة 150 ألف فدان، وشرق سيوة 30 ألف فدان، وتم توزيع 33 ألف فدان للشباب بتوشكى.

ومن الناحية الاقتصادية، قال الدكتور صلاح جودة، الخبير الاقتصادي، إن مشروع توشكى لا يؤدى إلى منفعة عامة مفضلا أن تتم تنمية جنوب مصر وأن تكون هناك ميزانيات ضخمة لمحافظات جديدة منها شرق العوينات بدلا من التقليب في مشاريع أثبتت فشلها.

من جانبه، رأى الدكتور بهى العيسوي، عالم الجيولوجيا، أن خسائر مشروع توشكى أكبر من مكاسبه، خاصة أن الدلائل العلمية التي تمت دراستها على هذا المشروع تؤكد أن أخذ المياه من جنوب السد مرفوضة تماما، وذلك نظرا لأن ارتفاع عمود المياه أو نقصه يؤثر على توليد الكهرباء، لافتا إلى أن المشروع يعد إهدارًا للمال العام.

عقبات

وأضاف "العيسوي"، في تصريحات لـ"فيتو": أن هناك عدة مخاوف تمنع إقامة المشروع منها "الملح بجانب التربة الطفيلية والمكونة من السيلكا والبازلت في ظل بيئة توشكى الزلزالية تجعل نجاح المشروع أمرا صعبا والزراعة فيها غير مضمونة".

الظهير الصحراوى

أصدر الجهاز المركزى للمحاسبات تقريره المستمر بالمخالفات، والتي كان آخرها وجود مخالفات مالية وإدارية بمشروعات قرى "الظهير الصحراوى" قيمتها بنحو 500 مليون جنيه، حيث أكد التقرير عدم الاستفادة من قرى "الظهير الصحراوى"، والتي تم تسليمها منذ عدة سنوات من أجل استغلال المساحات الصحراوية في التنمية والتعمير، والمنفذة بمعرفة شركتى المقاولون العرب والمقاولات المصرية، والتي بلغت تكاليف إنهاء أعمالها طبقا للختاميات مبلغ 487 مليونا و116 ألف جنيه و555 جنيها، حيث تكشف لدى مراجعة مستندات الجهاز التنفيذى لمشروعات تعمير جنوب الصعيد في الفترة من يوليو حتى أكتوبر 2014.

ومن جانبه قال أحمد أبو النور، الخبير الاقتصادى: إنه ليست هناك رؤية للمستقبل، والعشوائية منتشرة في شتى المجالات، مُشيرًا إلى أنه لم يكن هناك إعداد جيد للدراسات اللازمة لإنشاء أي من المشاريع القومية في الـ30 سنة الماضية.
الجريدة الرسمية