شذوذ عادل حمودة!
المتابع لجريدة الفجر وفى روايات الكارهين لعادل حمودة “الفُجر” بضم الفاء، سيكتشف دون معاناة أن عادل لديه مشكلة حقيقية مع رجل الأعمال نجيب ساويرس، هذه المشكلة التي لانعرفها هي التي تدفعه إلى التناول غير الموضوعي، والذي يصل إلى حد الشذوذ لأداء ساويرس وشركاته، بل وحياته الشخصية بشكل يدعو إلى التأمل.
لو كنت ضمن الأقلية التي تعشق صحافة النميمة ستدرك المعنى الذي نناقشه في هذه السطور، فالمتابع فقط للعناوين، قد يكتشف أن نجيب ساويرس -حسبما يرى حمودة- ليس هو رجل الأعمال الناجح، والذي يدير عدة شركات في الداخل والخارج، وستكتشف أنه ليس واحدا من أفراد أسرة هي الأهم في عالم البيزنس ليس في مصر وحدها، وإنما تعدت ذلك إلى النطاق العالمى.
لن ترى أن عشرات الآلاف من المصريين يعملون في منظومة مصرية، تثبت للعالم أجمع أن المصريين قادرون على المنافسة عالميا، وأنهم قادرون على التعاطى اقتصاديا وإنسانيا وفق آليات مصرية، وخبراء مصريين ورؤى مصرية، أثبتت نجاعتها في الداخل والخارج، سترى أشياء أخرى لا تعبر عن صدق نوايا، أو حس وطنى غيور على كل ماهو مصرى، سترى مالا يراه السوق العالمي، وسترى عكس ماتقول الأرقام.. سترى عجبا لا يعيش إلا في خيالات عادل حمودة فقط.
قارئ صحيفة الفجر سيكتشف حسب عبقرية عادل حمودة، أن نجيب ساويرس «كاوبوى»، وقد يكون هو السبب الرئيسى في هزيمة يونيو، وليس بعيدا أن يكون الرجل هو بطل تفجير برجى التجارة بنيويورك، وليس مستغربا أن يكون نجيب ساويرس هو أس الفساد في مدغشقر، وتنزانيا، وزامبيا.. وبالمناسبة هو سبب فشل مؤتمر شرم الشيخ الذي لم يفشل.. باختصار هو الشيطان الرجيم الذي ورد ذكره في كل الكتب السماوية وغير السماوية!!
تلك الرؤية المعقدة والشاذة لاترتبط برجل الأعمال نجيب ساويرس فقط، فالأخ عادل حمودة له من الكتابات مايدعو للاندهاش، ليس باعتباره معارضا، فالرجل لم يكن في يوم من الأيام ضمن هذا الصف لا قديما ولاحديثا، وليس باعتباره ناقدا جيدا، إذ أنه لم يضبط يوما ما متورطا في نقد بناء، ولا صاحب تجربة تركت بصماتها للأجيال، خاصة وأنه دائم الانقلاب على أفكاره، وعلى مايطرحه، ولم يكن كتابه ضد الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل، بعد كتاب نرجسى عنه سوى اختزال لانقلابات تاريخية سقط فيها دون مبرر موضوعى أو وطنى أو حتى صحفى.
وليس من قبيل التهرب أن نقول إننا لاتربطنا علاقة صداقة بالمدعو عادل حمودة، ولا علاقة أستاذية كما يحلو للبعض القول، ولا علاقة تأثر وتأثير، ولم تربطنا به علاقة ندين له بها، ومع ذلك فإننى أتذكر جيدا أننا وقفنا معه بالدعم المعنوى عندما اتهم على غير الحقيقة بالشذوذ.
أتذكر عندما دخل مكتبى الزميل محمد عبد الجليل محرر شئون الداخلية، عندما كنت مديرا لتحرير جريدة الأحرار، وأخبرنى بواقعة تحرير محضر ضد الأستاذ عادل حمودة في أحد أقسام الشرطة، قال فيه محرره إنه كان على موعد مع عادل بمكتبه ليلا، وأنه فوجئ عند وصوله بالأستاذ يرتدى حلة نسائية، ويتعاطى الخمر ويعرض نفسه عليه.
أدركت على الفور أن المقصود هو تصفية عادل حمودة معنويا، واتصلت به تليفونيا، وقلت له إننا نتضامن معه ضد هذه الهجمة الشرسة التي أراد أصحابها النيل منه، وأتذكر ساعتها أن عادل حمودة كان مرتبكا، غير أنى شددت عليه في دعمنا له، وقلنا له اصمد ولا تهن، فكلنا معك ضد أي محاولة للنيل منك كزميل.
اعترف أن المحاولة كانت دنيئة، وحمدنا الله أن النيابة حفظت التحقيق، يقينا منها أنه لا أصل لها.. تلك هي المرة الأولى التي تواصلنا فيها مع عادل حمودة الذي تعرض لمحاولة خسيسة لاتهامه بالشذوذ.
غير أن ماذكرته لا يمنعنا من مناقشة شذوذ من نوع آخر، هو الشذوذ في الرؤي، على اعتبار أن “شذ القول هو الخروج عن القاعدة ومخالفة القياس” وفى تفسير آخر أننا عندما نقول شذ الرجل أي انفرد عن الجماعة وخالفهم، والشاذ في الطبيعة والفيزياء هو ماخالف المعتاد أو المألوف، أو مابَعُد عن القيمة المتوسطة بقيمة كبيرة.
على هذا النحو يمكننا مناقشة مايطرحه عادل حمودة من أفكار وكتابات، خاصة وأن الرجل كان قد قرر كتابة مذكراته بعد بلوغه الستين، ثم توقف بعد حلقات ثلاث، لم نر فيها ما يوحى بقيمة المذكرات، إن هي إلا مواقف سطحية لم تعبر من قريب أو بعيد عن تاريخ طويل -بحكم السن- من العمل في بلاط صاحبة الجلالة، تنقل فيها بين عدة مواقع من نائب رئيس تحرير في روزاليوسف، قلب خلال عمله بها الأوضاع من عمق التجربة إلى سطحية التناول، ثم كاتبا في الأهرام لم يترك خلالها بصمة تذكر، إلى صحف خاصة يعرف تفاصيلها القارئ أكثر منا.
على أن هذا التناول لتاريخ حمودة بحاجة إلى صفحات وصفحات نقدم فيها للقارئ جزءا يسيرا من تاريخ شخصية صحفية تمنح نفسها أو يمنحها آخرون لقب الأستاذية !!