رئيس التحرير
عصام كامل

أعداء الصحافة وإعلام الفوضى!!


إدارة الإعلام فن وعلم وخبرة، وليست عشوائية يحكمها الهوى والمصالح الضيقة، ولا بد من حدود دنيا من القيم لأي وسيلة إعلامية مقروءة أو مسموعة أو مرئية، تضمن الالتزام بقيم المجتمع وأخلاقياته، وتحافظ على مقومات الأمن القومي وضروراته، ومصر اليوم في حاجة لإعلام يرسم طريق الهداية لشبابنا ويستنقذهم من براثن الإرهاب والتطرف والجهل والخرافة، والإحباط واليأس، إعلام ليس تعبويًا بل تنموي، ليس فوضويا بل تنويريا يركز على المشكلات الحقيقية للسواد الأعظم من الشعب، يصوغ الحقائق بشفافية كاملة.. لا يفتح الباب للجدال والسجال وامتهان الخصوصية، وهتك الأعراض وإشعال الفتن.


لقد حان الوقت لكي تستعيد صاحبة الجلالة مجدها وتحقق عبورًا جديدًا حتى لا تموت واقفة في مكانها، فهل يتحقق ذلك ولا يزال بعضها غارقًا في المحلية وخوض معارك كلامية في الصغائر والإساءة للآخرين، والنقد المغرض المتجاوز للحقيقة وللتقاليد المهنية العريقة.. غافلين أن للصحافة أعداءها المتربصين بحريتها الذين يؤلمهم شرف الكلمة ونورها.

الصحفيون كغيرهم بشر يصيبون ويخطئون، منهم من تحركه سلامة القصد، والحرص على مصالح الوطن، ومنهم من تعميه رغبته وتدفعه للانتقام والتشويه وتلويث سمعة الشرفاء.. وهؤلاء هم الأعداء الحقيقيون للصحافة، وعلى نقابة الصحفيين ومجلسها ونقيبها الجديد - الذي جرى انتخابهم الجمعة الماضي، بعد اكتمال عمومية الصحفيين بصعوبة بالغة؛ لعدم رضا أبناء مهنة البحث عن المتاعب عن أداء مجلس النقابة السابق، الذي فشل فشلًا ذريعًا في تلبية آمال وطموحات ومشاكل جموع الصحفيين - أن تتصدى لهم حفاظًا على المهنة وشرفها.

ثمة تحديات هائلة أمام المجلس الجديد، منها ما يتعلق بتشريعات صحفية يفرضها الدستور الجديد بتشكيل مجلس وطني للإعلام وآخر للصحافة.. وعليهم أن يجاهدوا كما جاهد من قبلهم حين رفضوا القانون 93 سيئ السمعة، واليوم مطلوب تحرير الإعلام من قيود الملكية ورأس المال والتبعية للحكومة على السواء، وتوفير أجور عادلة للصحفيين وعلاج يليق بهم، ومطلوب بالقدر ذاته إصلاح الصحف القومية وتسوية ديونها المتراكمة التي تجاهلتها الحكومات حتى تفاقمت وساءت أحوالها.

وهو ما يجعل الحاجة ماسة لعقد مؤتمر خاص بالإعلام والصحافة تحت رعاية النقيب الجديد يحضره خبراء وأساتذة الإعلام وممثلون عن المجتمع، والصحفيون لوضع روشتة الإصلاح وإطلاق حرية الإعلام ووضع ضوابط الحرية المسئولة، وتحرير الصحافة من سطوة رأس المال والحكومة معًا، ووضع قواعد عادلة لاختيار أعضاء المجلس الوطني للصحافة، وكذلك رؤساء مجالس إدارات ورؤساء تحرير الصحف القومية بعيدًا عن المحسوبية والشللية.

إن مصر تستحق إعلامًا رشيدا يعرف حقوق الوطن وواجبات المواطن.. إعلاما يساند الدولة ويذود عنها في وجه المشككين والمتاجرين بها، إعلاما يشتبك مع القضايا الملحة ويفند مزاعم المغرضين من النخبة ونشطاء الوهم السياسي، ويرفع الروح المعنوية للمواطن.. ويعطي الأمل والقدوة والقدرة على التغيير.
الجريدة الرسمية