رئيس التحرير
عصام كامل

"الضرائب": المستندات والأوراق تؤكد خضوع صفقة (أوراسكوم لافارج) لضريبة الدخل.. عمر: الشركة أخفت القيمة الحقيقية للصفقة والإفصاح عن عملية استحواذ.. عبدالقادر: المصلحة على استعداد للتفاوض

ناصف ساويرس
ناصف ساويرس

مازالت أزمة شركة أوراسكوم للإنشاء والصناعة، أكبر شركات البناء والتشييد بالعالم وصاحبة أكبر وزن نسبى فى المؤشر الرئيسى للبورصة المصرية EGX30، تلقى بظلالها على جميع مؤشرات البورصة بالتراجع الحاد والجماعى وخسارة الرأسمال السوقى، مصحوباً بتحذير شديدة اللهجة من خبراء سوق المال بامتداد هذا التأثير السلبى على الاقتصاد المصرى ككل جلسات الأسبوع، وكذلك تأثيره على قدوم بعثة صندوق النقد الدولى للقاهرة الأسبوع المقبل لإتمام الحصول على قرض 4.8 مليارات دولار.


أكد ممدوح عمر، رئيس مصلحة الضرائب أن وزارة المالية حريصة على حماية حقوق الخزانة العامة وعدم التهاون أو التفريط فيها دون تعسف أو تعنت مع أحد، فالمصلحة حريصة على حماية حقوق العاملين بالقطاع الخاص باعتباره قاطرة التنمية.

وشدد على معاملة مصلحة الضرائب لجميع أفراد المجتمع الضريبى بصورة عادلة بغض النظر عن حجم ما يسددونه من ضرائب، فالكل لهم نفس الحقوق وعليهم نفس الواجبات.

وقال إنه فى إطار هذه السياسة الثابتة لوزارة المالية فتم تناول ملف بيع إحدى الشركات القابضة الفرعية المملوكة لشركة أوراسكوم للإنشاء والصناعة لصالح مجموعة لافارج الفرنسية، وحرصت مصلحة الضرائب على تناول الأمر بصورة ودية وإجراء مناقشات مع مسئولى أوراسكوم حول قيمة الضرائب المستحقة على الصفقة بعد أن تولت إدارة مكافحة التهرب الضريبى دراسة أوراق الملف التى تبين لها أن مركز كبار الممولين فرض الضريبة على مبلغ 22.6 مليار جنيه بدلا من فرض الضريبة على قيمة الصفقة التى بلغت نحو 68.6 مليار جنيه، وبدأت المصلحة التفاوض مع الشركة منذ شهر سبتمبر 2012 حتى تاريخه وهذا يؤكد حرص مصلحة الضرائب وعدم تعنتها أو تعسفها فى تطبيق القانون، فنحن لا نستهدف إلا حماية حقوق الخزانة العامة وتأدية الأمانة التى كُلفنا بها وفى ذات الوقت حريصون على حماية حقوق المستثمرين.

وأكد عمر أن النزاع مع أوراسكوم لا يتعلق بشخص أاو فرد أو شركة وإنما هو قضية مبدأ وتنفيذ قانون وحق مجتمع فى موارد عامة، لافتا إلى أن مصلحة الضرائب تداركت مثل هذا الخطأ مع عدة شركات تم بيعها من خلال البورصة حيث تم تصحيح الخطأ فى هدوء وبصورة ودية بعد سدادها الضرائب المستحقة ليحصل الطرفين الخزانة العامة والممولين على حقوقهم كاملة.

وحول حقيقة النزاع مع أوراسكوم أكد ممدوح عمر أن النزاع يتعلق بمدى خضوع صفقة بيع إحدى الشركات القابضة الفرعية التابعة لشركة أوراسكوم للإنشاء والصناعة للضريبة باعتبارها عملية استحواذ فى حين تصر أوراسكوم على أنها مجرد عملية بيع لأسهم مقيدة بالبورصة بين شركة أوراسكوم للإنشاء والصناعة وشركة لافارج الفرنسية، وبجانب هذا هناك جدل حول قيمة الصفقة الخاضع للضريبة وهل هى 8 .22 مليار جنيه أم 68.6 مليار جنيه كما تؤكد المستندات والأوراق الرسمية التى تمكنت المصلحة من الحصول عليها، وبالتالى فإن الشركة مطالبة بسداد ضرائب دخل بقيمة 14.4 مليار جنيه.

وأوضح عمر أن الإدارة العامة لمكافحة التهرب الضريبى التابعة لمصلحة الضرائب هى من كشفت عن حقيقة الصفقة التى كانت فى ظاهرها عبارة عن بيع أسهم مقيدة فى البورصة، وبالتالى تستفيد من الإعفاء الممنوح للأسهم المقيدة بالبورصة طبقاً للبند (8) من المادة (50) من قانون الضرائب على الدخل رقم (91) لسنة 2005، لكن اتضح من خلال فحص المستندات والأدلة والأوراق المتعلقة بعملية البيع سواء المقدمة لإدارة البورصة أو من الأوراق التى قدمتها أوراسكوم عن الصفقة لمصلحة الضرائب بأن مجموعة لافارج الفرنسية قامت بالاستحواذ على الشركة القابضة والشركات التابعة بالكامل بقيمة بلغت نحو 68.6 مليار جنيه.

وأوضح أن قبول مأمورية الضرائب للمستندات التى قدمتها أوراسكوم عام 2007 حول الصفقة وأنها بقيمة 8 .22 مليار جنيه وإرسال نموذج 19 الخاص بالربط الضريبى فى ذلك الوقت دون المطالبة بالقيمة الحقيقية للضرائب المستحقة، هو خطأ وقع فيه مركز كبار الممولين ولكن تم تداركه خلال فحص وتدقيق الملفات الضريبية من قبل إدارة مكافحة التهرب الضريبى، حيث تبين لها خضوع الصفقة بالكامل للضريبة وليس جزءاً منها وهذا ما يسمح به القانون وأحكام القضاء التى أكدت أن الضريبة لا ترتكن على رباط عقدى بين الممول والمصلحة ولكن تفرض فى حدود القوانين المنظمة وأنه لكل من المصلحة والممول تصحيح ما وقع فيه من تقديرات، ويتم ذلك إما بإقرار معدل من الممول أو تصحيح المصلحة بموجب إخطار جديد.

وأشار عمر إلى أن الأوراق والمستندات لدى مصلحة الضرائب أكدت أن خضوع قيمة الصفقة للضريبة كان باعتبارها تمثل قيمة بيع للشركة القابضة الفرعية والشركات التابعة لها وأن ذلك كان واضحا من المستندات المتعلقة بإعادة التقييم لقيمة أصول وخصوم الشركات المستحوذ عليها التى تبين منها أن شركة أوراسكوم للإنشاء والصناعة وافقت بقرار الجمعية العامة غير العادية على استحواذ شركة لافارج الفرنسية على شركة أرواسكوم بيلدنج ماتريلز هولدنج ـ من خلال نقل ملكية شركة أوراسكوم بيلدنج ماتريالز هولندج من شركة أوراسكوم للإنشاء والصناعة إلى شركة لافارج الفرنسية، أى أن واقع هذه الصفقة يتضمن نقل ملكية الشركة وليس مجرد بيع أسهم بالإضافة إلى أن التكاليف المتعلقة بالصفقة تدل على ذلك حيث بلغت قيمة التكاليف المتعلقة بهذه الصفقة ما يقترب من ثلاثة مليارات جنيه تشمل أتعاب البنك الذى قام بعملية إعادة تقييم أصول وخصوم هذه الشركات، بالإضافة إلى أتعاب المستشارين القانونيين وتكلفة الإجراءات الأخرى المتعلقة بالصفقة والتى يتضح من حجم تكاليفها أنها لا تقتصر على عملية نقل ملكية أسهم فقط بين شركة وأخرى بل هى عملية بيع حقيقى للشركة القابضة الفرعية والشركات التابعة لها، كما أن الإجراءات المتعلقة بإتمام الصفقة بكل عناصرها تمت قبل قيد الأسهم بالبورصة وأن ما ذهبت إليه المصلحة يتفق مع ما ذهبت إليه أحكام القضاء من أن العبرة فى شئون الضرائب بواقع الأمر وليس ما يخلعه الأفراد على عقودهم من تسمية أو تكييف، وهذا ما أظهره العقود والأوراق المتعلقة بالصفقة سواء منها ما تعلق بالبورصة أم غير ذلك.

من ناحية أخرى فإن هذه الصفقة تمثل استحواذا من شركة لافارج الفرنسية على الشركة القابضة الفرعية وشركاتها التابعة خاضعاً للضريبة بالكامل أيضاً وفقا للمادة 53 من قانون الضرائب رقم 91 لسنة 2005 فإن هذا التصرف يعتبر استحواذاً يخضع بالكامل لضرائب الدخل.

وقال إنه لو كان الأمر يتعلق ببيع الأسهم ما كان ذلك يتطلب أكثر من تكاليف قيد هذه الأسهم بالبورصة المصرية لصالح شركة لافارج، بجانب عمولات شركات السمسرة التى نفذت العملية.

أشار الدكتور مصطفى عبدالقادر، رئيس قطاع المناطق الضريبية إلى أن ما يؤكد صحة إجراءات مصلحة الضرائب المصرية أنه فى حال نقل ملكية الأسهم من شخص لآخر لا يؤثر على اسم أو نشاط الشركة لأنه لا يحق للمشترى تغيير اسم الشركة وهذا يختلف عما جاء بالأوراق والأدلة لدى مصلحة الضرائب، التى أثبتت قيام لافارج بعد الاستحواذ بتغيير اسم الشركة الى شركة لافارج، وذلك بموجب عقد الاتفاق الموقع بين الطرفين وأن الواضح من بنود العقد أن هذه الصفقة ما هى إلا بيع أصول وخصوم شركة أوراسكوم بليدنج ماتريلز هولدنج وعدد (41) شركة تابعة وشقيقة، كما تبين لنا من استعراض عقود الصفقة أن الشركة البائعة تضمن للشركة المشترية أن كل أصول الشركة المباعة وشركاتها التابعة والبالغ عددها (41) شركة تابعة وشقيقة خالية من الرهون والالتزامات ولم يسبق بيعهــــــــــا من قبل.

كما أشار إلى أن بنود الصفقة تتضمن تبادل للأسهم حيث إن الشركة المشترية اشترطت على البائع الاكتتاب فى أسهمها فى بورصة باريس فى فرنسا لعدد 22,5 مليون سهم من الأسهم التى تقوم شركة لافارج الفرنسية بالاكتتاب بإجمالى قيمة قدرها 281.25 مليون يورو بشروط الاكتتاب الواردة بالعقد أى أن هناك تبادلا للأسهم وليس ناتج تعامل" وأن هذا التبادل يتم من خلال ناصف ساويرس وأن الشركة تضمن ذلك فى حالة عدم الوفاء بالالتزام، بما فى ذلك ضمانات البائع للمشترى تسليمه للمجموعة الدفترية للشركات التابعة وللشركة نفسها، كما ورد بالعقد استلام الموافقة أو التنازل بخصوص الالتزامات المعلقة قبل استلام الموافقة لغرض الاستحواذ على المجموعة من جانب المشترى وذلك من قبل السلطة الحكومية المعنية وبموجب قوانين الرقابة على اندماج الشركات فى كل من إسبانيا وتركيا أو انتهاء جميع فترات الانتظار بموجب هذه القوانين.

وأشار إلى أنه من الواضح من المستندات أن شراء هذه الأسهم لم يكن بغرض البيع وبالتالى لا يعد ناتجا للتعامل وفقاً لمعايير المحاسبة المصرية، وبالتالى لا ينطبق عليها إعفاء ناتج التعامل من الضريبة، ما يتضح جلياً من القوائم المالية للشركة باعتبار أن الأوراق المالية بغرض المتاجرة يتم تقييمها سنويًا على أساس القيمة العادلة فى تاريخ إعداد الميزانية، بينما أن هذه الأسهم تم قيد قيمتها فى بند الاستثمارات بالقوائم المالية التى يتم تقييمها على أساس التكلفة وهذا ما يؤكد أن هذه الأسهم لم تكن محلاً للتداول فى البورصة.

أضاف أن المشرع قرر معاملة ضريبية خاصة للتعامل فى بورصة الأوراق المالية بأن أعفى ناتج هذا التعامل الذى يحصل عليه شخص اعتبارى مقيم عن استثماراته فى الأوراق المالية المقيدة فى البورصة، أما إذا قام الشخص الاعتبارى بشراء أو الاستحواذ على 50% أو أكثر من الأسهم أو حقوق التصويت أو أصول والتزامات شركة مقيمة مقابل أسهم فى الشركة المشترية أو المستحوذة فإن ذلك يُعد تغييراً فى الشكل القانونى يستلزم معاملة ضريبية خاصة، حيث يترتب على هذا الاستحواذ تأجيل الالتزام الضريبى بالخضوع للضريبة إلى ما بعـد التصرف فى هذه الاصول أو خلال فترة الاستهلاك وفقا للآلية المتبعة فى هذه المادة إذا ما تحققت الشروط التى نصت عليها المادة (53) من القانون وفى حال عدم تحقق هذه الشروط يتعين خضوع هذه الأرباح للضريبة عند تحقق الاستحواذ، وهذا ما يتوافر فى حق الشركة.

وأضاف أن المشرع لم يشأ أن يربط بين عملية الاستحواذ والتعامل فى البورصة، بل اعتبر كلاً منهما حدثاً ضريبياً يستلزم معاملة خاصة ما مفاده أن الإعفاء يتقرر على ناتج التعامل المعتاد الذى تجريه الشركة على الاستثمار فى الأوراق المقيدة بالبورصة، أما الاستحواذ أو الشراء الذى يؤدى إلى سيطرة الشركة المستحوذة على 50% أو أكثر من أسهم الشركة المستحوذ عليها فإنه لا يتمتع بالإعفاء وإنما يترتب عليه فقط تأجيل الالتزام الضريبى إذا توافرت شروطه للضريبة ولو شاء المشرع أن يربط بين الواقعتين لنص فى المادة (53) على أنه "مع عدم الإخلال بحكم المادة 50/8 المشار إليها " وهو ما لم يتقرر فى حالة أوراسكوم.
 
وأكد أن قيام المصلحة بإخطار الشركة بنموذج 19 عن جزء من الأرباح على سبيل الخطأ لا يمنع المصلحة طبقاً للقانون، من تدارك هذا الخطأ وإعادة تصحيحه طالما لم تمر المدة اللازمة لتقادم الضريبة حيث إن سنة الفحص كانت عام 2007 فيكون لمصلحة الضرائب إمكانية تصحيح هذا الخطأ قبل 30 أبريل من عام 2013.

وأضاف أن مصلحة الضرائب على استعداد للتفاوض مع شركة أوراسكوم فى إطار القانون لدفع مستحقات الدولة، وغلق هذا الملف وذلك لأن دورها الأصيل هو الحفاظ على حقوق الدولة دون تعنت أو تعسف مع الممولين، مؤكدا أنه فى حال اكتشاف وقوع خطأ فى المعاملة الضريبية، فإن مصلحة الضرائب تسارع بالإفصاح عن هذا الخطأ والعمل على تصحيحه طالما أن تدارك الخطأ مازال ممكنا من الناحية القانونية وفى قضية لافارج فإن القانون يخول لمصلحة الضرائب التصالح بعد الحصول على حق الدولة، طالما أن القضية لم تحال حتى الآن للقضاء ولم يصدر فيها حكم قضائى بات.
الجريدة الرسمية