بيزنس الانتخابات
بيزنس الانتخابات.. هو العنوان الأعرض لمراحل الانتخابات البرلمانية تحديدًا، حيث تدور رحى المعارك وتظهر على السطح طبقة المنتفعين بكل تشعباتها بدءًا من فئة المشهلاتية، مرورًا بفئة المطبلاتية وليس انتهاءً بفئات رسمية تقتات على هذه الفترة وتتربح منها.. تأجيل الانتخابات جاء ضربة قاصمة لكل من دخل المعركة واضعًا خطة إنفاقه لشهر أو لأربعين يومًا هي الفترة التي يشتري فيها الذمم ويتحول فيها إلى إنسان خَيِّر يتبرع للمساجد والكنائس والأرامل حتى ينفرد بالمقعد ومن ثم يختفى.
قديمًا كان الناخب المحترف يتعامل مع المرشح المحترف بشفافية منقطعة النظير، فكلاهما محترف في الاستفادة من تلك الفترة.. الناخب يريد الثمن فوريًا دون تأجيل سواء كانت وظيفة لابنه أو قطعة أرض من مسئول كبير يتحمل إنهاء إجراءاتها المرشح أو مبلغ مالى متفق عليه والمرشح يريد من الناخب حشد الناس وخداعهم وسوق البسطاء إلى اللجان.. هكذا كانت وهكذا تعود بإطلالتها القاتمة بعد ثورتين.
ما يحدث في الشارع اليوم مواجهة شرسة على مستوى الشارع بما يحمل من باعة الخداع ومحترفى الانتخابات وطبقة المرشحين احترافيًا، فالتأجيل جاء كاشفًا للكل.. الذين تحركوا في الشارع لا يمكنهم التراجع والذين استقبلوهم في الشوارع يعلنون: هل من مزيد ؟ والنتيجة في تصورى أننا سنكون أمام أغلى انتخابات في العالم.
تدفقات مالية من دول وأفراد.. أجندات تتقاطع.. جدد يبحثون عن موقع في النظام الجديد.. قدامى يحلمون بالعودة لاستعادة المجد التليد.. أحزاب تنمو وأخرى تنهار.. قوائم يصنعها الأمن وأخرى تصنعها دول وثالثة يصنعها الكهنوت.
الصراع على القوائم على سبيل المثال هو صراع الهروب من الشعبية الحقيقية، فمعظم المنضمين إليها إنما صارعوا لأنهم يعلمون شعبيتهم الحقيقية في الشارع.. أيضًا من يتابع تغير المواقف بعد إعلان تأجيل الانتخابات لا يملك إلا أن يضرب كفًا بكف.. على سبيل المثال لا الحصر واحد في حجم الدكتور أحمد سعيد، رئيس حزب المصريين الأحرار المستقيل، ينتقل إلى قائمة "في حب مصر" طوعًا.. أي أنه ينتقل من صفوف المعارضة إلى الصف الآخر وهذا حقه.. إذا تابعت أكثر لا تندهش إذا علمت أن قرار التأجيل دفعه وهو المنتمي لقائمة معلنة أن يحول بناية بالقاهرة الجديدة إلى مقر استقبال لعناصر مرشحة على الفردى من عدة اتجاهات.. لماذا؟.. لا أحد يعلم.
صحيح يعتمد الدكتور أحمد سعيد على عدد من محترفى الانتخابات المقربين من رجل الأعمال أحمد عز، غير أن هذا لا يمكن أن يضعه ضمن قوائم الباحثين عن بيزنس الانتخابات، إذ أن تاريخ الرجل ينفي عنه ذلك، واللعب مع فردى من اتجاهات متبانية لا يمكن أن يضع الرجل في خانة تفكيك بعض التيارات، إذ أن من تعاملوا مع سعيد عن قرب ينفون عنه ذلك، أما القول بغموض مقابلاته بضاحية القاهرة الجديدة مع شخصيات مختلفة وهو مجرد مرشح في قائمة فإننا نؤكد أن هذا الغموض قد تنكشف أسراره بعد قرار التأجيل.
تفكك بعض القوائم قد يكون أمرًا مطروحًا.. تمدد بعض الأحزاب وتقلص أخرى قد يكون موجودًا.. القفز من قوائم إلى أخرى قد لا يكون مستبعدًا.. هروب البعض قد يكون حتميًا، غير أن الواقع يؤكد أن موقف أحمد سعيد أو طريقة إدارة حوار مع فرقاء الفردى أو طريقة تكوين بعض القوائم أو انهيارها لن يكون الأخير بالبيزنس ليس بالضرورة "بيزنس بنكنوت" وإنما قد يكون أبعد من ذلك.