رئيس التحرير
عصام كامل

قانون عفا عليه الزمن!


ثمة هامش حرية واسع يتحرك فيه إعلامنا لا ينكره إلا جاحد رغم دعاوى البعض بوجود تضييق على الإعلام بدعوى محاربة الإرهاب، والحفاظ على الأمن القومي وهو قول باطل.. والسؤال هنا: هل استثمر إعلامنا أجواء الحرية، وتحمل أمانته في التنوير وزيادة الوعي بقضايا الوطن وقام بدوره المأمول في الكشف عن مواطن الخلل والقصور وقدم العلاج دونما تجريح أو تطاول أو تشهير؟


والجواب بالنفي.. فأخطاء الإعلام صارت عبئًا على الدولة والمواطن معًا.. ولا تزال مشاكل الصحافة والصحفيين تزداد تفاقمًا وتعقيدًا، وربما أسهم الصحفيون أنفسهم في ذلك، فجمعيتهم العمومية شبه غائبة، والأمر متروك طيلة الوقت لمجلس النقابة الذي لا يمكنه في ظل غياب رقابة الجمعية العمومية، الاضطلاع بهذا الدور كما ينبغي..

هذه الجمعية التي لا يكتمل نصابها إلا في الانتخابات ولم نلمس لها أثرًا حتى في أخص شئون المهنة وهي الإعداد لتشريعات الصحافة المكملة للدستور تمهيدًا لإنشاء مجلس وطني للإعلام وآخر للصحافة.. وهو أمر مؤسف يتحمل مسئوليته أيضًا مجلس النقابة الحالي.. كما تتحمل الحكومة جانبًا من المسئولية مثل الحكومة السابقة؛ حيث لم تف بوعودها في إصلاح الصحف القومية حتى تنهض بدورها على النحو المأمول في وقت تخلت فيه الصحف الأخرى عن المعايير المهنية الواجبة.

وهنا يطرح السؤال نفسه هل البيئة التشريعية مناسبة لإطلاق عمل الصحافة والإعلام على طريق الموضوعية والمحاسبة والشفافية.. هل ثمة قانون لحرية تداول المعلومات يحمي الصحفي، ويكفل له الوسيلة المناسبة لاستقاء المعلومات الصحيحة من مصادرها الموثوقة.. هل من المقبول بعد ثورتين عظيمتين طالبتا بالحرية والعيش والعدالة أن يحكم العمل الصحفي قانون عفا عليه الزمن صدر في خمسينيات القرن الماضي، رغم ما نعيشه من ثورة في الاتصالات والمعلومات، وهو ما أشارت إليه محكمة القضاء الإداري وحكمها الذي يجب أن يحترم.. لقد عبرنا الاشتراكية إلى الرأسمالية وتطور كل شيء من حولنا، بينما بقيت تشريعات الصحافة محلك سر دون تغيير.. فهل هذا مقبول؟!
الجريدة الرسمية