مزدوج الجنسية وكرسي البرلمان
الذين قاموا بوضع وصياغة الدستور لم يزعجهم أو يقلق بالهم دستورية ترشح مزدوج الجنسية للبرلمان واقتصروها على منصب رئيس الجمهورية فقط، وفى نفس الوقت أعطى هذا الدستور للبرلمان سلطات أكبر من سلطات الرئيس نفسه.. فغير مفهوم عدم إعطاء حق الترشح لمنصب رئيس الجمهورية لمزدوج الجنسية؟ فإن نائب البرلمان الذي يقوم بالتشريع والمعارضة لا يقل أهمية وخطورة عن منصب رئيس الجمهورية.
الأمر لا يتعلق بتخوين مزدوجى الجنسية ولا يمكن أن يقاس ما يحدث بأمريكا أو في كندا أو أي بلد من بلاد المهجر بأنه يحق لمن يحمل جنسية البلد بأن يترشح لمنصب رئيس الجمهورية والبرلمان مهما كانت أصوله.
مصر وكل بلاد الشرق الأوسط لها ظروف أخرى فهى بلاد مستهدفة وخلق الفوضى بها مطلب من معظم الدول العظمى مثل أمريكا والاتحاد الأوربى وهذه الدول لها دستور ونظام ثابت يصل لحد المستحيل تغيره وكل برلمان أو رئيس يأتى لتلك البلاد يدور داخل إطار هذا النظام ومن المستحيل الخروج عنه، بعكس ما نعانيه نحن في بلادنا فيمكن أن يتغير النظام مائة وثمانين درجة وهذا ليس عيبًا، فكل قانون ودستور هو وليد ظروف البلد الذي فيه.
فقد جاء قرار المحكمة الدستورية بالحكم ببطلان منع مزدوجى الجنسية من الترشح للبرلمان موافقًا لما جاء ببنود الدستور الذي لابد أن يتغير، فإن اختراق البرلمان القادم من قبل الدول التي تمول الإرهاب لشىء وارد وطبيعى الحدوث، فهذه الدول لا تمنح جنسيتها لشخص إلا بعد التأكد من أن ولاء هذا الشخص مائة في المائة لها وهو أيضًا يقسم قسم الولاء التام للبلد الذي منحه جنسيته؛ ولأن مصلحة هذا الشخص ومصلحة أولاده في هذا البلد فإنه بطبيعة الأمور يمكن أن يجند لصالح البلد الآخر الذي يحمل جنسيته، والذي يوفر له كل رفاهيته والذي يفضل هو وأولاده العيش والموت على أرضه، فلماذا لا نقطع الشك باليقين ونمنع دستوريًا مزدوج الجنسية من الترشح للبرلمان كما هو ممنوع من الترشح لمنصب رئيس الجمهورية.
نعم هناك من بين نواب الشعب ربما يكون أخطر على مصر من شخص مزدوج الجنسية يمكن تجنيده لدمار مصر ولكن هذا لا يمنعنا من الحذر وخصوصًا تلك الأيام ونحن مستهدفون من كل الدول الممولة للإرهاب.
وهذا مع الأخذ في الاعتبار أنه يمكن أن يدخل البرلمان أشخاص منتمون إلى جماعة الإخوان أو أي منظمة إرهابية أو عميل لدولة أجنبية ولكن هذا الاحتمال الوارد لا يجعلنا أن نفتح الأبواب على مصراعيها بلا أى احتياطات أمنية.
وما يثير غضب الجميع هو كيف تم اختيار محافظ الإسكندرية المزدوج الجنسية والذي يحمل الجنسية الأمريكية وما هى مؤهلاته الخارقة والتي تم على أساسها اختياره؟
والسؤال هنا لماذا لا يتنازل هولاء عن جنسيتهم الأخرى ماداموا يريدون العمل السياسي داخل مصر؟ فما جعل الله لشخص قلبين في جوفه فكيف يكون ولاؤه التام لبلدين في نفس الوقت؟
نعم رفض الكثيرون حمل الجنسية الأمريكية وجنسيات دول كبرى ولكن معظم هولاء رفضوها لأنهم بالفعل قد حققوا نجاحًا وشهرة سياسية في مصر وأخذوا مناصب كبرى في مؤسسات مصرية فحمل جنسية بلد آخر كان سيأتى بالمردود العكسى عليهم.
ولكن تظل الجنسية الأمريكية حلم الكثيرين ومنهم من يتمنى أن يمنحها لأولاده ومنهم لو أتت له الفرصة ليتنازل عن جنسيته المصرية مقابل الجنسية الأمريكية لفعل.
ثم يأتى من عاش وربى أولادة وأنشأهم على جنسية بلد آخر وبعد أن حقق من الثراء ما يجعله يأتى لا ليستثمره في مشروعات تفيد مصر بل يأتى لتكملة الوجاهة الاجتماعية والترشح لبرلمان بلد هو من داخله يتعالى عليه وعلى شعبه، فكيف بالله عليك يمكن أن يشارك في تشريعات تبنى الوطن؟
فلك الله يا مصر.. حماك الله ورعاك.