رئيس التحرير
عصام كامل

د. جمال شقرة يقلب دفاتر التاريخ: الخيانة.. عقيدة إخوانية


«الحاجة للمال، وغياب الاهتمام من الدولة « هما أهم أسباب انجراف الشباب للخيانة في الوقت الراهن، حسبما أكد الدكتور جمال شقرة، أستاذ التاريخ المعاصر، ومدير مركز بحوث الشرق الأوسط بجامعة عين شمس، خلال حواره مع «فيتو»، معتبرا العمل على تحسين أوضاع الشباب، وتنمية الوعى بالهوية والمواطنة السبيل للحد من الخيانة.

«شقرة» شدد في حواره مع «فيتو» على أهمية دور مؤسسات التنشئة الاجتماعية في تنمية الشعور بالانتماء للوطن، كما غاص في ذاكرة التاريخ للحديث عن أشهر المواقف والأحداث التي حملت جريمة الخيانة.

> ما مفهوم الخيانة السياسية؟
التجسس لصالح دولة عدوة والارتماء في أحضانها على حساب الوطن، عن طريق نقل هؤلاء الخونة للمعلومات والخطط والإستراتيجيات وسرقة الوثائق الخاصة بأمن وطنهم القومى إلى العدو.

> حدثنا عن أشهر الخونة والأحداث التاريخية التي شهدت خيانة ؟
التاريخ شهد خيانة كثير من الأشخاص لاوطانهم، ولعل من المواقف التي لا تنسى ما فعله الإمبراطور الفرنسى نابليون بونابرت مع أحدهم، عندما جند عميلا لصالحه، وبعد انتهاء مهمته طلب العميل منه مكافأته والعمل معه، لكن نابليون رفض ورد عليه « أنت خائن ومن يخن مرة واحدة تسهل الخيانة عليه»، وهناك خيانة ترتبط بفترات الاستعمار، مثل تأييد عناصر للمستعمر الخارجى، مثلما صنع أحمد جيلى بالعراق وهناك خيانة متمثلة في تحريض جماعات سياسية سرية لدول عدوة على إسقاط الوطن.كما صنفت جماعة الإخوان في مصر
وعندما نتحدث عن أشهر الأحداث التاريخية التي ظهرت فيها جرائم الخيانة يحضر على الفور الذين خانوا أحمد عرابى أثناء الثورة العرابية، وكان هناك عملاء وجواسيس لصالح نابليون بونابرت عندما كان يقوم بغزو أعدائه في البحر المتوسط، كما نذكر أشخاصا أشيع عنهم أنهم عملاء وانتهت حياتهم نهاية مأساوية مثل نجمة الإغراء الأمريكية الشهيرة «مارلين مونرو»، والتي كانت تعمل لصالح جهاز المخابرات الأمريكية الـ «CIA»، كما أثيرت الكثير من القصص والأقاويل حول تعاون المطربة «أسمهان» مع الاستخبارات البريطانية.

> وماذا عن أشهر الجماعات المتورطة في الخيانة ؟
بالطبع جماعة «الإخوان المسلمين»، فتم استقطابها عن طريق المخابرات الأمريكية، وكان هناك ارتباط وثيق بينهما، وبالتالى أصبحت تنسق خططها وأهدافها تبعا لمصالح الولايات المتحدة الأمريكية.

> لكن ما الأسباب التي تدفع الأشخاص إلى خيانة أوطانهم، وما مصير كل منهم ؟
خيانة الوطن جريمة منتشرة عبر الزمن، وعندما بحث المفكرون عن أسبابها وجدوا أن أهمها هو الحاجة إلى المال، فالدول الغنية دائما ما تستقطب الشباب الفقير وتغريه بالأموال، لكن مع اتصافه بصفات معينة أولاها ضعف انتمائه الوطن، واستعداده للتضحية ببلده مقابل حفنة من الدولارات.

> وكيف تكون نهاية هؤلاء؟
تنتهى حياة معظم العملاء والخونة بنهاية مأساوية، وهى الاغتيال، أو تكون نهايتهم غامضة، فالخائن شخص غير محترم في كل الثقافات، وبالتالى الطرف الذي يستخدمه ويجنده يحتقره ولا يأمن له.

> ما الوسائل التي تستخدمها الدول في تجنيد الخونة ؟
تستخدم المخابرات العالمية مجموعة من الأساليب لتجنيد العملاء ولإيقاعهم في شباكها، لكن بالطبع أولها الإغراء بالأموال، أوالجنس من خلال تقديم فتيات للشباب، حيث تقوم الفتاة بمحاولة إيقاع الشاب في غرامها حتى يرتبط بها، ثم تكشف له عن هويتها، وهى عملها لدى مؤسسة أو جهاز مخابراتى، ومعظم العملاء من الشخصيات المريضة، وغالبًا يعانون اضطرابا في السلوك.

> وما أبرز الدول التي اشتهرت بتجنيد الخونة ؟
في التاريخ المعاصر اشتهرت المخابرات الإسرائيلية والأمريكية والسوفييتية باصطياد العملاء، وأثناء الحرب الباردة زادت ظاهرة تجنيد العملاء بين الكتلة الشرقية والغربية، وأصبح هناك عملاء لصالح الاتحاد السوفييتى داخل الولايات المتحدة، وعملاء لصالح المخابرات الأمريكية داخل الكتلة الشرقية، وزادت ظاهرة تجنيد العملاء بين ألمانيا الشرقية والغربية، وفى خمسينيات وستينيات القرن الماضى زادت ظاهرة تجنيد الخونة بواسطة «الموساد الإسرائيلىى» من دول الشرق الأوسط، وفى المقابل نجحت المخابرات المصرية في غرس عملاء لها داخل إسرائيل.

> كيف يمكن الحد من جريمة خيانة الوطن؟
الشباب هو الفئة التي يتم استهدافها، لأنهم يعاننون الفقر، ويمتلكون طموحا ورغبة في الثراء السريع، ومصر لا توفر إمكانيات لتحقيق أحلامهم، ولكى نمنع الشباب من الانحطاط والوقوع في بئر الخيانة لابد من العمل على تحسين أوضاعه، وتوفير فرص العمل المناسبة له، بالإضافة إلى توفير دخل مادى جيد له حتى لا يكون بحاجة للسفر للخارج، مع ضرورة تنمية الوعى بالهوية والمواطنة.

> وما دور المؤسسات الاجتماعية في تنمية الانتماء للوطن ؟
مؤسسات التنشئة الاجتماعية لها دور كبير في تنمية الشعور بالانتماء، بمعنى أنه منذ الصغر يجب أن تقوم الأسرة بدورها، وتغرس في الطفل حب الوطن، بالإضافة إلى دور المسجد والكنيسة، وكذلك المدارس والجامعات، فلابد من تضافر جهود جميع مؤسسات الدولة لغرس حب الوطن والتضحية في سبيله، فهذا يمنع من الوقوع في بئر الخيانة والعمالة لأى دولة معاوية.
الجريدة الرسمية