رئيس التحرير
عصام كامل

كفانا استنساخ تجارب الفشل والاحتقان !



مشكلتنا في مصر إدارية بالأساس، فما من موقع كبر أم صغر إلا وتجد فيه أزمة إدارة بمعناها الواسع.. وليست أزمة اختيار المحافظين والوزراء ومن يصلحون للمناصب العليا في الدولة إلا لغياب معايير الإدارة السليمة، والافتقاد لمؤسسات التنشئة السياسية وتربية الكوادر على إدارة الأزمات بطرق علمية واقعية.. باختصار غياب التربية على السياسة حتى داخل الأحزاب التي لا ندري عنها شيئًا إلا اسمها ومقرها وصحيفتها في أحسن الأحوال ولو سألت مواطنًا في الشارع عن عددها ودورها ربما لا تجد لدى السواد الأعظم إجابة ترضيك.


الأحزاب السياسية هي في الأصل مفرخة الساسة القادرين على الإدارة.. هكذا هي في كل الدنيا لكنها في مصر غائبة عن الدور والرسالة؛ المعنى والجوهر.. لا تمارس السياسة ولا الديمقراطية حتى بين كوادرها إلا فيما ندر.. ولهذا فليس مستغربًا أن تعاني مصر شحًا في الكوادر السياسية والإدارية.. وما كثرة الاعتذارات من جانب النخبة عن تولي مناصب المحافظين والوزراء إلا وجهًا آخر لأزمة عميقة تواجه الدولة المصرية لطول التجريف السياسي وغياب الرغبة الحقيقية في تكوين الصف الثاني والثالث في أجهزة الدولة ومرافقها ومؤسساتها كافة..

فدولة الفرد طال عمرها حتى شاخت وتيبست وسقطت سقوطًا مروعًا في الحكومة وفي الأحزاب أيضًا على يد ثورة يناير كما سقطت دولة الاستبداد والإقصاء والأخونة على يد ثورة 30 يونيو.. وها هي مصر تجني الحصاد المر لعهدين بائسين.. عهد مبارك وعهد الإخوان.

جربنا حكومات تكنوقراط أو فنيين فلم تفلح في حل لوغاريتمات الواقع المتراكم، وجربنا رجال الأعمال، فتزاوج المال بالسياسة وزاد الفقراء فقرًا والأغنياء غنى وثراء.. وفسد المال وفسدت السياسة أيضًا واحتجب الحاكم عن شعبه بطبقة جديدة فولاذية من رجال الأعمال وأصحاب المصالح فانسدت آفاق السياسة والتغيير والإصلاح وجربنا دعاة الدين بالانتخابات وفشلت التجربة.. فكانت الثورة التي أطاحت بهم.. ولا أعتقد أن شيئًا من هذا أو ذاك يصلح للمرحلة الحالية.. فلا المزاج الشعبي العام يقبل.. ولا القيادة الحالية ترضى باستنساخ تجارب الفشل والاحتقان.. ولا الظروف الحالية تحتمل التكرار.
الجريدة الرسمية