البحر والبحران
كنت في وقت سابق مهندسًا للنيل في منطقة من قشيشة إلى القناطر، لذلك أجد ما يسمى بـ "وثيقة النيل" بلا نفع ولن تؤدي إلى فائدة.. المحافظة على النيل يلزمها قوانين تطبق وغرامات تحصل بصرامة على كل من يخالف مهما كان موقعه في المجتمع، ويجب اعتبار المخالفة جناية كالاعتداء على النفس.
فلأن النيل هو شريان الحياة والاعتداء عليه اعتداء على كافة أصحابه، ألا وهم المصريون.. إن النيل هبة الله لمصر ونعمة من نعمه.. لن نكون خير أجناد الأرض بالكلام والجعجعة الفارغة بل بالولاء لله ورسوله والحفاظ على نعمه والاستفادة منها لخير أمتنا.. "ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين.." كيف نكون آمنين وأمننا المائي مهدد منا ومن غيرنا.
يجب أن نحافظ على ما لدينا من مياه ونطالب بالمزيد وتكون هذه سياستنا.. مصر تحتاج إلى ١٠٠ مليار متر مكعب سنويا لكي تستمر الحياة، ونحقق التنمية التي نبغاها في سيناء والصحراء الغربية، وحتى في الوادي كفانا وزراء ري موظفين.. لابد أن يكون هناك أفكار متطورة تتعامل مع الواقع ومع الأحرار.. لقد علمنا الخالق جل شأنه أنه يحفظ المياه العذبة.. "مرج البحرين يلتقيان بينهما برزخ لا يبغيان..".
لابد من وقف التعدي على النيل وجسوره ولابد من إزالة أي منشأ مخالف أيا كان.. النيل ملك الجميع، لذلك يجب أن يتمتع به الجميع.. ويكون الهدف هو كورنيش النيل من أسوان حتى دمياط ورشيد، متاعا لكافة سكان أرض الكنانة، تحفه الأشجار فنشم النسيم العليل ونغني الرومانسية على شاطئ النيل.. وإذا كان النسيم غنوة فالنيل يغنيها!
مرة أخرى نقول لوزير الفلول إنه كان وزيرا أيام العميل الذليل وترك مسئوليته وأعلن بكل فخر ونفاق أن الملف أمام الرئيس، وترك الأمر لرئيسه الذي سلمه لرئيس ديوانه وخسرت مصر الكثير.. مياه النيل وفيرة تكفي الدول التي تقع عليه، وما علينا إلا أن نكون أقوياء أحرار لكي نأخذ حقنا باحترام الجميع خصوصا في القارة السوداء..