في البدء كانت الكلمة.. ثورة 25 يناير «البداية من عقول المثقفين».. «أجنحة الفراشة» ترصد دور مواقع التواصل.. «هيلتون» إسقاط على شخصية أحمد عز.. وسيد حجاب حذر من «الطوف
أصاب توفيق الحكيم عندما قال "إن هذا الشعب الذي تحسبه جاهلًا ليعلم أشياء كثيرة، لكنه يعلمها بقلبه لا بعقله"، وقال أيضًا "مصر هي مصر دائما.. قد يحسبها البعض أنها قد نامت.. ولكن روح مصر لا تنام"، فلم يكن أحد يتخيل أن تنجح ثورة 25 يناير في الإطاحة بنظام مبارك الديكاتوري، الذي نسج خيوطه بإحكام حول جميع مؤسسات الدولة.
حتى كبار الساسة والخبراء لم يصل إلى خيالهم التطورات السريعة التي حدثت في ثورة الحرية، وكانت أقصى توقعاتهم هو إقالة الحكومة، لكن كان للكتاب والمثقفين رأي آخر، فكثير منهم تنبأ بالثورة في أعمالهم، وأعلنوا بين ثنايا كتبهم عن انفجار ثورة شعبية لم تشهدها البلاد من قبل، وبالفعل انطلقت الثورة مطالبة بـ"العيش – الحرية – العدالة الاجتماعية -الكرامة الإنسانية".
أجنحة الفراشة
الكاتب الكبير محمد سلماوي تنبأ في روايته "أجنحة الفراشة" بموجة عارمة من الاحتجاجات التي لن يقدر النظام على إيقافها أو التصدى لها، متحدثا فيها عن دور التكنولوجيا الحديثة مثل الهواتف المحمولة ومجموعات الـ"فيس بوك" وكافة مواقع التواصل الاجتماعى في إشعال فتيل الثورة وتغيير شأن البلد تماما، ليضع الجميع أمام مفاجأة مذهلة لم يتوقعها أحد.
ووضع سلماوي في روايته سيناريو ثورة 25 يناير، فأشار إلى قيام الحكومة باعتقال جميع أقطاب المعارضة، وكل المتعاملين معهم، ومن ضمنهم مجموعة الشباب وقود العصيان المدني، وكذلك تخيل امتناع معظم الموظفين عن الذهاب إلى أعمالهم، وغلق التجار أبواب محالهم، حتى تضطر الحكومة للاستقالة، فتبرز هيئة وطنية تعد لانتخابات حرة في البلاد.
هيلتون
وعن «دار شمس» للنشر والتوزيع، صدرت عام 2010 رواية «هيلتون» للكاتب سامي كمال الدين، وجاءت شخصيات الرواية متشابهة تماما مع رجال عصر مبارك من الفاسدين، مثل زكى عبد الوهاب بطل الرواية وإمبراطور الحديد، وما هو إلا نسخة من أحمد عز، حيث بدأ زكى عبد الوهاب عازفًا للدرامز ثم تدرج من السبتية حيث يعمل والده في تجارة الخردة حتى أصبح إمبراطور الحديد في مصر، ويحلم بالوصول إلى كرسى الرئيس.
وفي الفصل 28 من الرواية رصد المؤلف هجوم الشعب على الحزب الوطنى والفيلل والقصور الخاصة بمسئولى الحزب، وقال المؤلف في روايته: "بينما كان هشام يلقى خطبته العصماء وكلماته التي تخرج من بين آلامه كانت تتعالى أصوات أمام هيلتون رمسيس تسد الشارع، وهاجم أهالي ضحايا العبارة شركة عبد الكريم ناصيف الخاصة بالملاحة البحرية ودمروا كل ما فيها، ثم هاجموا فيلته وأشعلوا فيها النيران، وكذلك الشركات الأخرى الخاصة به، ولم يستطع أحد اعتراضهم".
ووصف الكاتب بداية الثورة وخروج الناس، فكتب: "وكأن القاهرة كانت على استعداد لمن يناديها: اخرجى يا مصر آن الأوان كل شيء كان متحفزا ً في انتظار من يدفع الباب، لتلف الساقية وتروى الأراضى العطشى وتمحو "شيء من الخوف" داخل نفوس المصريين، وترد لهم ما سرق من أعمارهم وأعمار أجيال ستأتى من بعدهم".
ورصد الكاتب أيضًا انتقال الثورة عبر الإنترنت واليوتيوب ونقل الفضائيات لها وذكر بالاسم قناة الجزيرة وBBC.
الطريق إلى قصر العروبة
الكاتب محمد على خير أيضا كان له دور واضح، ففي كتابه "الطريق إلى قصر العروبة"، الصادر عن "دار صفصافة" للكاتب محمد على خير، عرج المؤلف إلى المجالات ذات الأثر في اتخاذ القرار السياسي في بلادنا الآن، وأكد على أننا بحاجة إلى صياغة دستور جديد يصاغ بما ينفى السلطات الاستبدادية لرئيس الدولة.
وقال «خير» في مقدمته: إن جوهر الكتاب يسأل عن القوى السياسية التي تؤثر وتحسم شخصية رئيس الجمهورية «أي رئيس»، وكان «خير» قد أجرى حواراته مع بعض عناصر هذه القوى، ودارت حول الشأن المصرى ذاته، ومن ثم فقد كانت الأسئلة الموجهة لهذه الشخصيات بمثابة محددات رئيسية من قبيل: «متى بدأ الاهتمام بقضية الحاكم الجديد القادم لمصر؟ وما أدوات هذه القوى وآلياتها في التأثير في هذا الملف؟ وما مدى تأثيرها في مسألة تحديد الرئيس القادم؟»، ويلفت النظر في حوارات كتاب «خير» التراوح والتفاوت في التوقعات الخاصة بالرئيس القادم.
الموت عشقا
أما رواية "الموت عشقا" للكاتب على أبو المكارم التي صدرت عام 1990 وتدور أحداثها حول شاب ورع تقى تدفعه الحياة وظروف المجتمع إلى أن يكون من أحد أفراد الجماعات الإسلامية التي تمارس العنف، وفى نفس السياق يرسم صورة لحياة ضابط بأمن الدولة وما يحيط به من أوضاع اجتماعية وسياسية.
كما يعرض المؤلف في روايته نماذج من القهر وكثرة البطش البوليسى في حياة الناس، وفى مشهد رائع يعرض لحديث النفس لأحد أساتذة كلية الحقوق وهو يتوجه ذات صباح لحضور اجتماع مجلس الكلية وكيف كان مهموما بقضية زميله الأستاذ الوطنى المخلص والذي عاد من بعثته يحمل آمالا وأحلاما لإصلاح العملية التعليمية بالجامعة، وكيف كان يشجع الطلبة على المناقشة والنقد بدلا من التلقى والحفظ، وكان يفتح معهم حوارات حرة بالمدرج، ثم قام الأمن بالقبض عليه وإخضاعه لعملية تعذيب وحشية وتنكيل إجرامى تهامس به الناس وتناقلته ألسنة الطلبة والمدرسين.
وتوقع المؤلف منذ التسعينيات من القرن الماضى تدهور الحركة التعليمية في مصر، واستعرض مشاهد اكتساح الحزب الوطنى في الانتخابات البرلمانية ومحاولات الحكومة لتكميم أفواه معارضيها حتى ينفجر بهم الأمر في النهاية، ويصل لدرجة لا يمكن السيطرة عليها.
قبل الطوفان
وفى ديوان "قبل الطوفان الجاى" الصادر عن "دار ميريت" للشاعر سيد حجاب، يرى حجاب أن الفرصة للتغيير للأفضل مازالت موجودة وإن كانت صغيرة.
ووفقا لهشام الصباحي بصحيفة "الزمان" فمن اللحظة الأولى ومن العنوان المتصدر للديوان يؤمن سيد حجاب أننا مازلنا نمتلك فرصة وإن كانت صغيرة، ومن هنا كان اسم الديوان قبل الطوفان الجاي.. وهكذا يعطينا درسا جديدا في وظيفة الشاعر والشعر، والأمل لا يموت حتى وإن ماتت البشرية جميعا لابد من أمل في الحياة... لابد من وجود امرأة ورجل في مكان ما من العالم في حالة حب سوف تنتج هذه الحالة كائنا بشريا ما، يكون هو الأمل.