رئيس التحرير
عصام كامل

نوال السعداوى ومرضى الحرية 2


يرى الكاتب رونى فلحوط، أن الإرث القمعى الطويل فى المجتمعات العربية، وانتكاسات مشروعات النهضة عبر التاريخ الحديث، رغم التضحيات التى قادتها النخبة على اختلاف توجهاتها، هو ما دفع مفكرين ومثقفين إلى مصير مؤلم تراوح بين الانسحاب، أو مغازلة الأنظمة الاستبدادية ذاتها، أو الارتماء فى حضن المؤسسات الغربية التى تقدم وصفة سحرية للديمقراطية، ليست سوى خطاب استعمارى مستتر بآليات عمل جديدة، أو التحول إلى «مرضى حرية»، يوجهون سهام لعناتهم إلى الشعوب والحكومات على حد سواء.

ويعتبر"فلحوط"، نوال السعداوى واحدة من «ضحايا» هذه الحرية المزعومة، فهى بدلاً من مقاومة سيف «الجلاد»، تحولت إلى جلاد من نوع آخر يلهب ظهر الإنسان العربى، داعية إياه إلى التحرر الآن وحالاً وفوراً، عبر خطاب مراهق واستعلائى يصل إلى حد الشتم والتسفيه.
«أحيانا أستخسر نفسى أن أكون فى مثل هذه المجتمعات»، هكذا تقول السعداوى فى خطاب لها يمثل أعلى حالات «المرض» وعبادة الذات، لا يختلف كثيراً عن أعراض مراهَقة فكرية واضحة تمثلت فى كتابها الأخير الذى يحمل توقيعها باسم والدتها بدلاً من اسم أبيها، لتصبح «نوال زينب» بدلاً من «نوال السعداوى» تحت وهم رد الاعتبار للنساء «المحرومات» من أن يحمل الأبناء أسماءهن أسوة بالرجال.
وتدعى الدكتورة السعداوى أنها تحارب التطرف، لكن نظرة سريعة على كتبها وأفكارها وتصريحاتها تؤكد أنها تبيع البضاعة نفسها باتجاه مقلوب.
والجميع أعداء نوال السعداوى حسب ما تتوهم هى: «الأصوليون والحكومات والنخبة الثقافية».. حيث إنها هى وحدها التى تملك شرف التفكير وتحتكر حقيقة الحرية.
السعداوى عرضة لهجوم من أطراف عديدة، هذه حقيقة، لكن ليس سبب الهجوم الأساسى هو ما تقدمه من أفكار، ولكنه يرجع إلى رغبتها الجامحة فى الصدام وإثارة الضجيج الإعلامى، إنها بارعة فى ابتكار أساليب صدام جديدة تضمن لها مزيداً من الأضواء والتسويق رغم أن عمرها يقترب من الثمانين عاماً.
تعرضت نوال السعداوى للسجن فترة قصيرة فى 6 سبتمبر 1981 أواخر حكم الرئيس الراحل أنور السادات، كما تم رفع قضايا ضدها، منها قضية الحسبة للتفريق بينها وبين زوجها، وتوجيه تهمة ازدراء الأديان لها على أثر كتابها «الإله يقدم استقالته من اجتماع القمة»، الذى اضطر الناشر «مدبولى» إلى حرق نسخه قبل طرحها فى الأسواق، بسبب ما يحتويه من شطط ضد الذات الإلهية، وأشيع أن الجماعات الإسلامية وضعت اسمها على «قائمة الموت»، ما منحها فرصة للجوء إلى الغرب وعملها أستاذة زائرة فى جامعة أطلانطا الأمريكية.. ونكمل غدا.
من كتابى "ضد الإسلام ".. الطبعة الثانية.

الجريدة الرسمية