رئيس التحرير
عصام كامل

ملفات مفتوحة



مشكلتي التي تؤرقني أنني أحب الملفات، نعم.. هواية تجميع ملفات...أكتب على جلدة كل ملف اسم شخص، ثم أبدأ في تتبع سيرة حياته وأخباره وأجمع صوره من الجرائد والإنترنت، ألصق كل ذلك بترتيب زمني وتاريخي مشفوعا بملاحظات على جوانب الصفحات وأحيانا خطوط فسفورية على الأسطر أو دوائر بالقلم الرصاص حول الرءوس الظاهرة في الصور، هذه الهواية التي تشبه أعمال المخابرات وتسمي في هذا العلم "المخابرات السيرية" أي التي تبحث في سيرة الأشخاص، لا تقتصر فقط على رجال المخابرات بل هي هواية رجال الإعلام أمثالي.


ومع التطور أصبحت تلك الملفات على الكمبيوتر بل وأصبح فيها ملفات بالصوت والصورة عن الشخص صاحب الملف، كارثة هذه الهواية أنها تجعلك متذكرا على الدوام مواقف العديد من الأشخاص بل وترتبط بينهم إذا قابلتهم في مكان ما مع تلك الملفات، والخبرة المسبقة التي أعددتها عنهم فأجد نفسي امتعض من أشخاص وآخرون أقابلهم بشكل جيد، وأحيانا قد يتطور الأمر إلى الاستغراق في الضحك من مواقف أشخاص وأجدهم في جلسات خاصة يظهرون عكس ما يضمرون تماما.

وهؤلاء الأشخاص - للأسف- مازالوا على الساحة السياسية والإعلامية "يهرتلون" بكلمات أغرب ما تكون وأبعد ما تكون عن الواقع والحقيقة، ولنأخذ أمثلة، هذا المذيع اللامع الذي ترك جنازة فاتن حمامة بكل صخبها الشعبي وحب الناس الجارف التي جاءت تودعها وركز على غياب الأمن والحكومة، ولو كان قد غير نظارته أو دقق في الشاشة قليلا لوجد العديد من الضباط ورجال الحماية المدنية، وكذلك وزير الثقافة بنفسه وسط المصلين مقدما العزاء لأسرة الفقيدة.

وهذا الرجل غير المعروف لونه على الإطلاق وفضائحه أصبحت تزكم الأنوف بل إنه يشعر في قرارة نفسه أنه لابد وأن يترك البلاد في تلك اللحظة خوفا من فتح ملفه، نجده يتكلم للجميع في كلمات تحتمل معاني كثيرة، فهؤلاء يأخذونها على أنه في صفهم مشككا في مشروعات قومية، وأخرون يأخذونها تحذيرا ووضع أقدام على الطريق الصحيح وهو أساسا يضخ سمًا في الهواء.

أما تلك الشابه الجميلة فقد جندت عددا من الصحفيين -قليلي الخبرة والضمير- ليكتبوا عنها كل تغيير وزاري ويسلطون عليها الضوء وعلي أنشطتها، بل يثيرون شائعات على صفحاتهم أنها مرشحة لحقيبة وزارية، وهي لا تستطيع أن تتحكم في حقيبة يدها.

أقول كل ذلك ونحن في مرحلة فارقة من تاريخ الوطن، فالنظام بأكمله مشغول بالحالة الاقتصادية المتردية للغاية بعد أربع سنوات من الانهيار الاقتصادي الكامل، وبالحالة الأمنية أيضا، لذلك فإن هؤلاء يظهرون يلقون السم ويضعون المكياج أمام الكاميرات وعلي صفحات الجرائد رغبة في التجميل أو.... الحرق، أيهما أقرب.

أقول ذلك لأن الناس كلها قد ملت رائحة قنابل الغاز وأصوات طلقات الرصاص، وشعر المواطن البسيط أنه لابد من العمل حتى نعود لبناء الوطن، وما يفعله نظام الرئيس عبد الفتاح السيسي هو وضع أرضية صلبة من اقتصاد قوي بمشاريع عملاقة تمثل بنية أساسية تحتية للاقتصاد، مثلما فعل الرئيس جمال عبد الناصر في فترة رئاسته ووضع أساس مصانع الحديد والصلب والألومنيوم والغزل والنسيج والمصانع الحربية وغيرها الكثير، النظام الحالي يفعل ذلك تماما ولكن هؤلاء أصحاب الملفات المفتوحة كريهة الرائحة يحاولون أن يوقفوا العجلة التي دارت، ولكن الناس فاقت من غفلتها أخيرا.
الجريدة الرسمية