رئيس التحرير
عصام كامل

يوم في بيت إماراتي


كنت أسير منطلقا بين شوارع دبى فى أول زيارة لي منذ سنوات ولت، عندما التقيت بالصديقة العزيزة سميحة عباس التى كانت تعمل مراسلة لوكالة الأنباء الأسترالية في ذلك الوقت .. تجولنا واعتبرتني سائحا، وهي المرشدة التي تدلنى علي مناطق الجمال، وما أكثرها، وعلي شاطئ الخور تناولنا وجبة الغداء عندما فاتحتها في رغبتى بقضاء يوم مع أسرة إماراتية .

ولأن سميحة صحفية تعيش الحالة بكل ما فيها من أمل وشجن، كانت تحمل لي دعوة في اليوم التالى حيث توجهنا إلى أسرة إماراتية في بيت عربى شائق .. كانت الأم عربية ودودة تحمل بين جوانحها قلبا ناصع البياض ، كريمة ، مضيافة .. رأيت فيها أمي بكل بساطتها وطيبتها ورقتها .. احتفت بوجودي وبعد دقائق معدودة أصبحت واحدا من البيت .. كانت ابنتها فتاة مثقفة، واعية، عميقة الفكر، صاحبة رؤى، وكانت زوجة لشاب فاضل يعمل ضابطا بجهاز الشرطة، ولا يقل عنها ثقافة وقدرة على الاحتواء ومهارة فى إدارة الحوار.

قضيت يوما لا أنساه، وعرفت أن الحدود النفسية التي نبنيها بين خليجي وأفريقي غير صالحة للتداول بيننا نحن العرب، ففي وقت وجيز شعرت أني بين أهلي وناسي وكم كانت لحظة الخروج من البيت الجميل قاسية علي نفسي وكأني أعرفهم منذ سنوات .

تذكرت هذا اليوم عندما بادرني صديقى بسؤال: لماذا نحب الإماراتيين أكثر من غيرهم ؟، أردف قائلا : هل ترك فينا الأب المؤسس الشيخ زايد عليه رحمة الله تركة من الحب الأبدي عندما لم يقاطع مصر كغيره بعد توقيع معاهدة كامب ديفيد، أم إننا نحبهم لأنه كان صاحب الشعار التاريخي الأصيل : البترول العربي ليس أغلى من الدم العربي ؟ أم لأنه كان صاحب رؤية ثاقبة لا تزال يتردد صداها بين الأجيال المتعاقبة ؟

قلت لصديقي: الشعوب العربية لا تعرف الكراهية بينها، وإنما سلكت بنا السياسة مسالك لم تكن على هوى هذه الشعوب، وقصصت له حكايتي مع يوم في بيت إماراتى، وخلصت إلى إننا نحن العرب تربطنا وشائج وقيم وروابط تاريخية تستطيع أن تراها في كل بيت عربي .. ملامحنا .. تقاليدنا .. قيمنا .. همومنا .. أحلامنا .. كل هذه المساحات فيها من المشتركات ما هو أكبر من القطيعة والخلاف .. رحم الله الشيخ زايد وبارك في شعب الإمارات العزيز الأبي وأمد بيننا روابط الحب في كل ربوع الوطن العربي .. اللهم آمين.
الجريدة الرسمية