رئيس التحرير
عصام كامل

محمود منير لـ«فيتو»: الإرهاب صناعة غربية بامتياز


  • الخبير الإستراتيجي اللواء محمود منير لـ "فيتو":
  • الإرهاب طريق الغرب إلى الاستعمار الجديد
  • أوربا تتذوق مرارة مناصرة المتطرفين
  • ما حدث في فرنسا انقلاب للإرهاب على الإرهابي 
  • نفط الخليج وراء دعم الغرب لعمليات الدم في المنطقة العربية




اعتبر اللواء محمود منير، المحلل السياسي والخبير الإستراتيجي، الأعمال الإرهابية التي تتعرض لها دول أوربا في الفترة الراهنة تطورا طبيعيا لدعمها اللامحدود على مدى السنوات الماضية للإرهابيين، مؤكدا أن الأمر لن ينتهى عند هذا الحد، بل ستستمر تلك العمليات وتمتد لمناطق أخرى بالعالم خلال الفترة المقبلة.
وفى حواره مع "فيتو"، كشف منير أن الغرب وجد في دعم ومناصرة عمليات الدم في منطقة الشرق الأوسط بالمال والسلاح طريقا للاستحواذ على مقدرات منطقة الخليج والدول العربية عوضا عن الاستعمار التقليدى الذي ولى أوانه.. وإلى نص الحوار:


** في البداية.. بم تفسر الأعمال الإرهابية التي وصلت إلى أوربا مؤخرا مثلما تعرضت له الصحيفة الفرنسية "شارلى إيبدو" ؟
الأعمال الإرهابية التي طالت أوربا هي امتداد طبيعى للجرائم الإرهابية التي حدثت منذ فترة طويلة ووقف الغرب منها موقف المتفرج، وبالتالى فإن ما نراه اليوم ليس وليد الساعة ولكنه نمو طبيعى لجذور الإرهاب التي نشأت وكبرت في مناطق معينة من العالم، وسوف يمتد تأثيرها ليهدد جميع مناطق العالم طبقًا لحجم المصالح التي تسعى إلى تحقيقها، وبالتالى فإن ما يحدث في أوربا اليوم هو امتداد طبيعى لما حدث في المنطقة العربية وسبق أن نبهت إليه مصر، ولكن هذه الدول لم تأخذ الأمر بجدية واستمرت في دعمها للعناصر الإرهابية وإمدادها بالسلاح والأموال والتغاضى عما تقوم به من عمليات دموية ظنا منها أنها تحدث في مناطق بعيدة عنها وأن أراضيها في مأمن منها.

** متى بدأ الغرب في توظيف الجماعات الإرهابية لنشر الفوضى في الدول الإسلامية ؟
بعد انتهاء فترة الاستعمار التقليدى الذي يعتمد على القوة العسكرية اتجهت دول الغرب إلى تحقيق السيطرة على المناطق ذات الموارد الاقتصادية، فقصدت على وجه الخصوص المنطقة العربية الغنية بالنفط ومصادر الثروة المعدنية، وذلك لفرض السيطرة السياسية والاقتصادية، ولتحقيق مآربها دفعت دول المنطقة إلى الدخول في تحالفات تارة، وأقنعتها بالحماية الطوعية تارة أخرى، ولهذا نشأت العديد من الأفكار التي تدعو إلى التقسيم لسهولة السيطرة، ولتمرير هذه المخططات دون أي اعتراضات لجأ الغرب إلى قوى التطرف للقيام بعمليات إرهاب لهذه الدول، وبالتالى تلجأ طواعية إلى طلب الحماية أو قبول الحماية من القوى الكبرى، ومن هنا بدأت هذه القوى العالمية في دعم العناصر المتطرفة التي تقوم بالإرهاب لتحقيق هذه المصالح بالوكالة، ولهذا نجد أن كثيرا من مخابرات الدول الكبرى تقدم الدعم المادى واللوجستى سر لهذه العناصر لتحقيق مصالحها في مختلف المناطق.


** وكيف ترى الجماعات الإرهابية التي ظهرت مؤخرًا واستخدامها الإسلام ستارا لأعمالها؟
تطور قوى الإرهاب وتوسعها في التواجد لاسيما داخل المنطقة العربية وحصولها على الدعم المادى والسلاح جعلها تسعى إلى السيطرة لتحقيق مصالحها الخاصة ومحاولة جذب الكثير من الراغبين في الانضمام إليها، فكان لابد لها من توجهات تجذب هؤلاء، وبالطبع ليس هناك أقوى من النزعات الدينية كونها أقصى ما يمكن أن يتمسك به أصحاب الديانات السماوية، ولهذا نجد أن معظم القوى المتطرفة اتخذت من الأديان ستارًا، ومن العقيدة أسلوبا ومنهجا، فحرصت التنظيمات الإسلامية المتطرفة التي ظهرت في المنطقة العربية مثل "داعش" وغيره على أن تتخذ من العقيدة والدين ستارًا تجذب به البسطاء أو غير الملمين بصحيح الدين، وتبث في داخلهم ما يجعلهم يتمسكون بالجهاد والمقاومة المسلحة وحب الاستشهاد، كل هذا بهدف ضمان تحقيق أهدافها ومصالحها لأقصى حد ممكن، حتى وصل الحال بهذه التنظيمات إلى أن اتخذت من الأسماء الإسلامية كنية لقياداتها وغطاء لعملياتها الإرهابية.

** باعتقادك.. هل يستخدم الغرب هذه الجماعات لتشويه صورة الإسلام أم وسيلة للضغط على الدول العربية لتدميرها ؟
كثير من القوى العالمية تستخدم العناصر المتطرفة دينيًا كقوى ضاغطة لإجبار الدول العربية على اتخاذ مواقف إما موالية أو للتراجع عن مواقف قد لا تحقق مصالح الدول الغربية، إما عن تشويه صورة الإسلام الذي يدعو إلى المحبة والتسامح واحترام الحريات والقيم النبيلة فيرجع السبب الأول فيه إلى الأعمال التي تقوم بها هذه الجماعات التي تدعى أنها إسلامية، كونها تتخذ من الدين شعارا ومن الإرهاب منهجا، فلا نستطيع أن نلوم القوى الغربية لأنها دعمت فقط.

ما أبرز المذابح التي ارتكبها الغرب ضد المسلمين ؟
مذابح الأرمن وصربيا وكوسوفو، وفوق هذا وذاك المذابح التي ارتكبتها إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني، والمذابح التي شارك فيها الغرب بغض الطرف عن عمليات التطهير العرقى والدينى في الدول الأفريقية.

** ولماذا تلعب وسائل الإعلام العربية دورا سلبيا في عدم إبراز جرائم الغرب ضد المسلمين في أوربا؟
هذا الدور السلبى ناتج عن اختلاف الرؤية وغياب التنسيق بين وسائل الإعلام واختلاف جهات تمويلها، وبالتالى نجد أن الدول الممولة للإرهاب أو الراعية له وسائل إعلامها تغض الطرف عن هذه الجرائم الإرهابية، وعلى الجانب الآخر نجد أن بعض وسائل الإعلام لا تهتم بما يحدث نتيجة أنها تفتقد للحس الوطنى، حيث إنها ممولة من بعض رجال الأعمال الذين تسللوا إلى الإعلام ولا يجيدون سوى لغة الأرباح، دون النظر إلى المصلحة الوطنية أو ما يهدد أمن واستقرار الدول، فتتخذ من عملية التهوين أو غض الطرف وسيلة للابتعاد عن هذه الأمور حفاظا على الشعبية أو تحقيق أقصى ربح ممكن.

** إذا أردنا إلقاء نظرة على نشأة وتطور الأعمال الإرهابية على مر العصور، كيف تلخصها ؟
الإرهاب ليس وليد هذا العصر، ولكنه تواكب مع نشأة البشرية، حيث بدأ بإغارة الإنسان على الآخرين لسلب الممتلكات أو لسجن وأسر الأفراد، ثم تطور إلى الإغارة على القوافل والقرى والمدن والقيام بأعمال القتل لإرهاب المسافرين وأهل القرى والمدن، بهدف إجبارهم على الخضوع لإرادة الإرهابيين، ثم تطور إلى استخدام الإرهاب في الصراع المسلح ومثال ذلك قيام التتار بإحراق بغداد وإبادة أهل حلب والمدن التي غزوها لنشر الإرهاب من أجل منع المواطنين من المقاومة المسلحة، وبعدها ظهر في العصور الوسطى في شكل أعمال مسلحة أثناء الغزوات الصليبية، وعلى مستوى مصر ظهر أثناء حكم المماليك في عمليات السلب والنهب وإجبار المواطنين على دفع الإتاوات أو تخلى قرى عن ممتلكاتهم، بينما في العصر الحالى أخذ الإرهاب شكلا آخر عبر تنظيم القاعدة في أفغانستان، ليبدأ انتشاره في المنطقة العربية ثم الشمال الأفريقى وامتداده إلى غرب القارة السمراء، وكذلك ظهوره في المجتمعات الأوربية لتحقيق مكاسب سياسية ومادية، بالإضافة إلى ظهور ما يطلق عليه الإسلام السياسي البعيد عن جوهر الإسلام والأكثر قربا إلى الإرهاب.


الجريدة الرسمية