التدخل المصري في ليبيا
تطالعنا ماكينة الأخبار اليومية بأنباء اختطاف مصريين هنا وهناك، وتزداد الأمور تعقيدا في دولة الجوار الأولى خاصة بعد سيطرة عصابات الدم علي ليبيا، ومع توارد الأخبار حول عمليات اختطاف المصريين وقتلهم أتصور أن التحرك الرسمي لا يزال كما هو مقيدا بنفس منطق النظام القديم للأمور دون أن نتدارك أن ثورة قامت كانت ترفع شعار "كرامة إنسانية"، فمتى تتحرك قوى مصر الشعبية والرسمية للتعبير عن هذا الشعار بشكل عملي.
قد لا يقتضي الأمر أن نطالب الرئيس بشن حرب ضد دولة بعينها، رغم أن كثيرين يرون أن ذلك حلا لمشكلات كثيرة لا تقتصر على حماية المصريين في الخارج فقط، وإنما يمتد أثرها إلى ما هو أبعد من ذلك، وقد لا يقتضي الأمر أن نطالب الدولة المصرية بالتورط فى ليبيا علي سبيل المثال لا الحصر، وإنما تفرض ظروف المصريين المختطفين علي صانع القرار أن يعبر بشكل واضح وصريح عن بعض أهداف برنامجه الانتخابي الذى يصب فى هذا الاتجاه، وهو اتجاه حماية الكرامة الإنسانية للمصري، كما عبرت عنها الثورة التي صنعت هذا النظام.
قرابة المليون ليبي يعيشون في مصر ويقارب ذات العدد من السوريين الذين يعيشون على التراب المصري.. لم نسمع يوما أن مصريا اختطف ليبيا ليراهن به على المصريين المختطفين في ليبيا، ولم نر يوما أن مواطنا مصريا أساء إلى مواطن سوري.. بالعكس السوريون يعملون بيننا وينتشرون والشعب المصري يتعاطف مع قضيتهم.
مصر لم تعامل الليبيين كلاجئين ولم تقم معسكرات للإخوة السوريين وعاشوا كما نعيش وأكلوا مثلما نأكل ونالوا من الحياة ما ننال دون عنصرية أو تفرقة أو ضيق أو ضجر.. تلك هي مصر وهؤلاء هم المصريون.. دولة صنعت فجرا لضمير البشرية، وشعب صاغ وعي الإنسانية من قديم الأزل .. هكذا تقاس حضارات الشعوب وهكذا تتعرف دون صعوبة على القيم الحضارية التي تحكم تصرفات الشعوب وقت الأزمات والمحن .
الفارق بيننا وبينهم أننا شعب حضاري تحكمه قيمه الحضارية في التعاطي مع الآخر ضيفًا كان أو جارًا!!!
والشعب الليبي الذي أعرفه هو شعب صاحب حضارة وطريق نضالي كبير ضد كل أفكار العنصرية والتهميش، وهذا الشعب لا ينسي أن بوادر جيش التحرير الليبي نشأت علي أرض مصر من مصريين وليبيين، ومن يقومون بجرائم الاختطاف هم لا شك طبقة من المستغلين والمأجورين خارج سياق الحضارة الليبية.