رئيس التحرير
عصام كامل

ننشر أسباب موافقة مجلس الدولة على تعديل قانون العقوبات


حصلت «فيتو» على الأسباب التي استند إليها قسم التشريع بمجلس الدولة، برئاسة المستشار "مجدي العجاتي" نائب رئيس مجلس الدولة، بحضور رئيس المكتب الفنى للقسم المستشار الدكتور "محمد جميل"، للموافقة على تعديل بعض أحكام قانون العقوبات.


الحد من تزايد معدلات خطف الأشخاص
ويهدف التعديل إلى الحد من تزايد معدلات جرائم خطف الأشخاص في الآونة الأخيرة، وطلب فدية من ذويهم نظير إطلاق سراحهم، واتخاذ ذلك وسيلة لجمع الأموال دون تفرقة بين طفل أو رجل أو أنثى، وذلك عن طريق تعديل نص المادة 290 من قانون العقوبات، لتسري في مواجهة من يقوم بخطف أي من الأشخاص البالغين، سواء أكان المخطوف طفلا أو رجلا أو أنثى.

وبموجب هذا التعديل أصبحت عقوبة الخطف بالتحايل أو بالإكراه، هي السجن المؤبد، وتشدد العقوبة في حالة اقتران جريمة الخطف بجريمة مواقعة المخطوف أو هتك عرضه بغير رضائه، لتصبح العقوبة الإعدام.

وذكر القسم أنه بالإشارة إلى كتاب سيادتكم رقم 3-18606 المؤرخ 30 /11/ 2014 الوارد إلينا بتاريخ 1 /12/ 2014، بطلب مراجعة مشروع القرار بقانون بتعديل بعض أحكام قانون العقوبات، والذي وافق عليه مجلس الوزراء بجلسة 26 /11/ 2014.

وأود الإحاطة بأنه قد تم عرض مشروع القرار بقانون المشار إليه على قسم التشريع بجلسته المنعقدة بتاريخ 6/ 12/ 2014، فتدارس هذا المشروع وقام بمراجعته في ضوء أحكام النصوص الدستورية ونصوص قانون العقوبات المزمع تعديله، وقد كان للقسم ما ارتآه من بعض أوجه ضبط الصياغة التي تستقيم معها أحكام النص المراد تعديله على الأسس القانونية السليمة.

العقوبة: السجن المشدد
وتبين أن الكتاب الخامس من الباب الثالث من قانون العقوبات، تناول بالتجريم والعقاب خطف الأطفال حديثي العهد بالولادة في المادة 283، وخطف الأطفال الذكور دون سن الثماني عشرة سنة، بالتحايل أو الإكراه وجعل عقوبته السجن المشدد.

وتناولت المادة 289 بالتجريم، خطف الأطفال من غير تحايل ولا إكراه، وفرقت في العقاب بين أربع حالات، أولها: إذ كانت سن المخطوف أقل من اثنتي عشرة سنة تكون العقوبة السجن المشدد الذي لا تقل مدته عن خمس سنوات، والثانية: إذا بلغ اثنتي عشرة سنة ولم يبلغ ثماني عشرة سنة تكون العقوبة السجن غير المشدد، والثالثة: إذا كان المخطوف أنثى تكون العقوبة السجن المشدد الذي لا تقل مدته عن عشر سنوات، والرابعة إذا اقترنت جريمة الخطف بجريمة مواقعة المخطوف (ذكرًا أو أنثى) أو هتك عرضه، تكون العقوبة الإعدام أو السجن المؤبد.

وتناولت المادة 290 خطف الإناث (والمقصود بهن البالغات ثماني عشرة سنة) وجعلت العقوبة السجن المؤبد، فإذا اقترنت بالجريمة جريمة مواقعتها بغير رضاها كانت العقوبة الإعدام.

تجريم خطف البالغين
وأشارت المذكرة الإيضاحية، إلى أن الغاية من تعديل المادة 290، على النحو الوارد بالمشروع، هو تجريم خطف الذكور البالغين ثماني عشرة سنة لخلو القانون الحالي من تجريم هذا الفعل رغم تجريم خطف من سواهم على النحو المتقدم، وجعل عقوبته السجن المؤبد مثل الإناث البالغات هذه السن، مع الإبقاء على تشديد العقوبة إلى الإعدام إذا اقترنت بجريمة خطف الأنثى جريمة مواقعتها بغير رضاها.

وتبين للقسم أن تجريم خطف الذكور البالغين سن الثماني عشرة بالإكراه أو التحايل غير مجرّم صراحة في القانون، لذا كانت تطبق على الفعل أحكام القبض أو الحجز بغير وجه حق المنصوص عليها في المادتين (280 و283) من القانون والذي تتراوح عقوبته ما بين الحبس والغرامة، والسجن المشدد إذا تم القبض ممن تزيا بزي مستخدمي الحكومة أو ادّعى أنه منهم وهدد المخطوف بالقتل أو عذبه بدنيّا.

وارتأى القسم سلامة الغاية من التعديل، لكن يلزم تعديل النص المعروض ليكون على النحو التالي: "كل من خطف بالتحايل أو بالإكراه شخصًا بنفسه أو بواسطة غيره يعاقب بالسجن المؤبد، ومع ذلك يحكم على فاعل هذه الجناية بالإعدام إذا اقترنت جريمة الخطف بجريمة مواقعة المخطوف أو هتك عرضه بغير رضاه".

ويأتي ذلك ليشمل التجريم الفعل الواقع على جميع الأشخاص سواء أكانوا أطفالًا أم كبارًا ذكورًا أو إناثًا.

تشديد العقوبة
ووجب هذا التعديل لسببين أساسيين، الأول: أن النص المقترح جعل عقوبة خطف البالغ ثماني عشرة سنة السجن المؤبد، مع أن عقوبة ذات الجريمة لخطف من دون السن المذكورة في المادة 288، السجن المشدد وهي عقوبة أخف، في حين أن سياسة التجريم التي انتهجها القانون في ذات الباب هي تشديد العقوبة كلما كان المجني عليه أصغر سنا وليس العكس، وهو تفريد مبرر للعقوبة، أما العكس فليس مبررًا، لذلك وجب تشديد العقوبة المقررة بالمادة 288، عن خطف الطفل لتكون مثل البالغ، وذلك درءًا لشبهة عدم الدستورية فيما لو بقى هذا النص على حاله، وينتج على ذلك بحكم اللزوم ووحدة الجريمة والعقوبة دمج حكم المادة 288 المشدد في المادة 290، مع إلغاء الأولى لعدم تكرار ذات الحكم في أكثر من مادة.

والسبب الثاني: أن النص المقترح شدد العقوبة إلى الإعدام إذا وقعت الجريمة على أنثى واقترنت بالجريمة جريمة مواقعتها بغير رضاها، وقصْر التشديد هنا على الجريمة الواقعة على الأنثى دون الذكر فيه شبهة عدم دستورية للتفرقة غير المبررة إذا هتك عرض الذكر المخطوف، لاسيما أن المادة 289 لم تقم هذه التفرقة في العقاب على الجريمة الواقعة على الأطفال، بل جعلت العقوبة الإعدام أو السجن المؤبد إذا اقترنت الجريمة بمواقعة المخطوف أو هتك عرضه دون أن تفرق بين الأنثى والذكر، لذا رأى القسم الأخذ بذات المبدأ وتعديل الصياغة لتشمل الحماية للذكر والأنثى على السواء درءًا لشبهة عدم الدستورية.

وينبني على ما تقدم تعديل عنوان الباب ليكون على النحو التالي "القبض على الناس وحبسهم دون وجه حق وخطفهم"، وذلك لأن نصوص مواد الباب من 280 إلى 290، تجرم القبض على الناس وخطفهم، وليس فيها نص خاص بسرقة الأطفال. مع الإشارة إلى استخدام كلمة "تحايل" في النص لكونها أبلغ لغة في الدلالة على المعنى المقصود، لأنها وردت في كل كتب اللغة، بمعنى "تحايل على الرجل أي سلك معه الخديعة ليبلغ منه مأربه"، بينما "تحيّل" معناها "استعمل الحيلة في تصريف أموره".

وعلى هذا فقد تمت مراجعة مشروع القرار بقانون وإفراغه في الصيغة المرافقة التي أقرها القسم في جلسته سالفة البيان.
الجريدة الرسمية