رئيس التحرير
عصام كامل

الثورة التي يدعو إليها الرئيس!


هذا العام يأتينا بمذاق مختلف.. فمن منا لا ينام قرير العين آمنًا في سربه لا يخاف عدوانا من بلطجية عاثوا فسادًا في الأرض في السنوات الأربعة الماضية.. ومن منا لا يجد أثرًا للاستقرار في حياته اليومية مقارنة بما مضى من عمر الثورة..

صحيح أننا نخرج من عنق الزجاجة بصعوبة، وصحيح أن ثمة شباب لا يزال متأثرًا بما جرى وربما غاضبًا لأنه لم يتم استيعابه بعد في مؤسسات الدولة وأجهزتها، ولم تصل إليه منجزات الثورة التي شارك فيها.. لكن ها هو الرئيس في حواره مع المثقفين، يؤكد أن الشباب هم مستقبل هذا الوطن، وأنه يؤمن لأبعد مدى بدورهم ومن ثم فلا فواصل بينه وبينهم وأن كل المجالات مفتوحة لهم.

جاء هذا العام فارقًا بدرجة ملموسة بين الفوضى وعودة الدولة، بين اضطراب تسبب فيه الاستقطاب الديني الذي أحدثه الإخوان وأربابهم بدءًا من استفتاء مارس 2011 نهاية بدستور الإخوان الملغم 2012، وبين استقرار تتضح معالمه، وتتوالى ثمراته يومًا بعد يوم.. فارقًا بين احتراب أهلي فجرته النزعة الطائفية لحملة شعارات الدين بهدف دغدغة عواطف البسطاء وبين انسجام اجتماعي وانحياز شعبي للدولة تجلى في الانتخابات الرئاسية التي فاز بها الرئيس السيسي بأغلبية كبيرة..

جاءنا هذا العام ومعنا رئيس يدرك بل يؤمن بحدود وطنه ومقومات أمنه ووجوده، يدرك حجم الأزمة التي نعيشها والنفق الذي نعبر منه والمخاطر التي تحوطنا من كل اتجاه، لكنه يؤمن أيضًا بقدرة هذا الشعب على العبور كما عبر أول مرة في حرب أكتوبر 1973، يراهن على فطرة هذا الشعب ووعيه وانحيازه المطلق للدولة.. رئيس يتطلع لعودة منظومة القيم الأخلاقية الدافعة للعمل والإنتاج والكف عن الجدل والخوض في القضايا الخلافية التي غرقنا فيها لسنوات أربعة، ولم نجنِ من ورائها إلا العداوة والبغضاء والانقسام والتخوين والاقتتال والتمزق والضعف.. وهذا ما يريده لنا أعداؤنا هنا وهناك.

معنا اليوم رئيس يراهن على قدرة هذا الشعب المعلم والقائد.. وقد قالها بوضوح.. لا شيء اسمه نظام سياسي وطبقة تحتكر كل شيء، بل هناك شيء واحد اسمه الدولة كلنا وراءها يتغير شخص الحاكم وتبقى الدولة بإستراتيجياتها وأهدافها العليا ومحددات بقائها وهويتها الحقيقية القائمة على المواطنة والعدالة ودولة القانون.. رئيس يعترف بوجوب إصلاح مؤسسات الدولة حفاظًا عليها وضرورة محاربة الفساد الذي عشش في جنبات هذا المجتمع لعقود وعقود!!

رئيس تخرج خطاباته موجزة نافذة لقلب المواطن، فبينهما شفرة مشتركة.. يفهمها الطرفان - الشعب والرئيس - يربطهما حبل متين من الثقة والمصداقية.. ومن ثم تجد رسائل الأمل والطمأنة طريقها لعقل المواطن وقلبه فتبدد سحب الغيام الناتجة عن جرائم الإرهاب عن سماء الوطن.

نحن - كما قال الرئيس السيسي- في حاجة لثورة أخلاقية تطهرنا مما لحق بنا من تردٍ وانحطاط وتراجع في سقف المثل العليا.. وثورة دينية ضد التطرف.. وقبل هذا وذاك ثورة في التعليم.. فمتى نبدأ؟
الجريدة الرسمية