رئيس التحرير
عصام كامل

أثريون يحللون أسباب تكرار سرقات المساجد الأثرية.. «عودة»: تشابك المسئولية بين «الآثار» و«الأوقاف» السبب.. «عامر» يطالب بتعديل المنظومة الأمنية لمنع السرقة.. و&#


بعد أن أكدت مصادر بوزارة الآثار سرقة شريط يتضمن النص التأسيسي لسبيل محمد كتخدا الحبشي من منطقة آثار الدرب الأحمر منذ يومين، أرجع أثريون السبب في سرقة الآثار إلى غياب التنسيق بين الوزارات دائما، الأمر الذي يخلف وراءه العديد من الكوارث والأزمات التي قد تهدر التراث والتاريخ المصري، مشيرين إلى أن غياب التنسيق بين وزارتي الآثار والأوقاف خير مثال على ذلك، وهو ما تسبب في سرقة الكثير من النصوص التأسيسية من المساجد الأثرية الموجودة بقلب القاهرة.


الإهمال وتشابك المسئولية
وأكد الأثري ممدوح عودة، مدير عام البعثات الأجنبية بقطاع المشروعات بوزارة الآثار، أن الإهمال وتشابك المسئولية بين وزارتي الآثار والأوقاف السبب الرئيسى في تكرار سرقة النصوص التأسيسية والحشوات الأثرية من منابر المساجد الأثرية وخاصة بمنطقة الدرب الأحمر والجمالية والحسين المليئة بالمساجد الأثرية.

وقال «عودة»، في تصريحات خاصة لـ«فيتو»، إنه تم سرقة أكثر من 5 مساجد حتى الآن من مساجد قلب القاهرة المزدحمة بالسكان وذلك في غياب تام من التنسيق بين وزارتى الآثار والأوقاف لحماية هذه المساجد وحماية التراث الإنسانى المصرى بها، مشيرا إلى أن تعدد الأنشطة التجارية والصناعية بمنطقة الدرب الأحمر يجعلها الأكثر من حيث معدلات سرقة المقتنيات الأثرية من المساجد الموجودة بها.

وطالب عودة وزارتي الآثار والأوقاف بالتنسيق فيما بينهما لوقف نزيف سرقة المساجد الأثرية بشكل متكرر.

وأضافت المصادر أن «السبيل يحمل رقم 150 ضمن الآثار الإسلامية، ويتضمن النص التأسيسي 4 أبيات شعر باللغة التركية».

الإستراتيجية الأمنية
كما أرجع الباحث الأثري أحمد عامر، تكرار سرقة النصوص التأسيسية من المساجد الأثرية إلى أن وزارة الآثار لم تستطع إحكام السيطرة على آثارها وتغيير إستراتيجيتها الأمنية، عقب الانفلات الأمني التي شهدته البلاد منذ ثورة يناير.

وأوضح عامر أن السرقات لها أنواع كثيرة ليس فقط النصوص التأسيسية من المساجد الأثرية، ولكن التعديات التي تشهدها وزارة الآثار على أراضيها، بل والحفر خلسة، وخروج العديد من قطع الآثار وتهريبها للخارج وبيعها في المزادات العلنية، فكل هذه الأنواع تعتبر بمثابة سرقة لابد من ضبطها، والوقوف على أسبابها لمنع تكرارها مستقبلًا.

وقال لـ«فيتو»، إن وزارة الآثار شهدت سرقة قطع من المتحف المصري بالتحرير أعقاب ثورة يناير، وحرق وتدمير وسرقة متحف ملوي، ولوحة الزيوت السبعة، وخرطوش خوفو، ومقبرة الطيور، والاستيلاء على مقابر بأسوان من قِبل بعض الأهالي، واختفاء بعض القطع الأثرية من مخزن "بوتو" بتل الفراعين، كما أن هناك نوعا آخر من السرقات لا يقل عن سرقة القطع الآثرية والنصوص التأسيسية للمساجد الآثرية وهو سرقة التاريخ وتزييفه لصالح فئة معروفة بعينها، وهم الصهاينة من خلال الكثير من المزاعم التي تخرج علينا بها إسرائيل، مثل أنهم هم بناة الأهرامات وآخرها حتى الآن الفيلم الصيهوني "ملوك وآلهة" الذي لا يمِت بأي صلة إلى الواقع الحضاري للحضارة المصرية.

وطالب «عامر» بضرورة تغيير إستراتيجية التعامل الأمني مع الأماكن الأثرية، وأيضًا تغيير التعامل الثقافي مع من يقومون بتزييف التاريخ، وعلى وزارة الآثار أن تتخذ كافة الاحتياطات الأمنية اللازمة لمنع ما نراه ونسمع عنه من سرقات كل يوم.

غياب التنسيق
ولفت محمد عزاز، أمين عام جمعية رعاية حقوق العاملين بالآثار وحماية آثار مصر، إلى أن الإهمال واللامبالاة وعدم المسئولية أصبح ظاهرة وسمة في وزارة الآثار لدرجة كبيرة تكاد تهدد الآثار المصرية بأكملها وتضربها في مقتل.

وأضاف عزاز، في تصريحات خاصة، أن هذه الظاهرة لم تتوقف عند قطاع معين من قطاعات الآثار ولكنها انتشرت كالوباء في معظم قطاعات الوزارة دون حساب من أحد أو رادع يوقف المسئولين عن هذه الظاهرة، مطالبا كل أثري أو موظف بأن يعرف واجباته ويؤديها على أكمل وجه ويحرص على أن يكون موضع تقدير لضميره ولمهنته.

وأوضح عزاز، أن الأوضاع في وزارة الآثار انقلبت رأسًا على عقب ليصبح الإهمال والتسيب واللامبالاة والاستهتار هو الأصل والقاعدة، أما الجدية والحرص فهما الاستثناء.

وتابع: «وصل الإهمال في الآثار إلى قمته وظهرت صورته البشعة والمؤلمة في كوارث عديدة من تعديات وسرقات وضياع تراث وحضارة آلاف السنين، مثلما يحدث من سرقات في المساجد الأثرية بمنطقة وسط القاهرة والدرب الأحمر، وآخرها سرقة شريط يتضمن النص التأسيسي لسبيل محمد كتخدا الحبشي بمنطقة آثار الدرب الأحمر».

ويتضمن النص التأسيسي 4 أبيات شعر باللغة التركية، والسبيل يحمل رقم 150 ضمن الآثار الإسلامية، فهل سيشعر المسئولون بخطورة المسئولية التي يتولونها وضرورة تأديتها على الوجه الأكمل؟.
الجريدة الرسمية