رئيس التحرير
عصام كامل

وماذا بعد أربع سنوات عجاف؟! (6)


أظهرت الأحداث المتوالية عجزًا وشللًا واضحًا لدى النخبة، وسبقت الجماهير بوعيها الفطري تلك النخبة.. ولم تستطع الأحزاب قديمها وحديثها أن تتبنى مشروعًا مجتمعيًا يعيدها للشارع، مثل تطوير منطقة عشوائية واحدة كتلك التي أنجزها الفنان القدير محمد صبحي.. 

ولا تزال تلك الأحزاب حتى هذه اللحظة، تحارب معركة غير التي خلقت لأجلها، ولو أنفقت وقتها ومالها في الاحتكاك بالشارع وقضاياه لكان أفضل ألف مرة من التربيطات والتحالفات التي تلهث وراءها الآن؛ استعدادًا لمعركة مجلس النواب المقبل.. لكن يبدو أنها لم تستوعب درس الإخوان الذين تركوا القوى الثورية في ميادين الاحتجاج والرفض ونزلوا إلى القواعد الشعبية حتى استولوا على البرلمان بأغلبية ليست كبيرة.

أما حكومات ما بعد الثورة، فقد تراخت في تطبيق القانون على الخارجين عليه وتبأطات في الاستجابة لمطالب مستحقة للمواطنين أو التعامل معها بما يليق، حتى صار الاحتجاج لغة ووسيلة للي ذراع الدولة والحصول على المستحق وغير المستحق، وتضاعفت الفجوة بين الشعب وحكومته وأحزابه ونخبته، وازداد الانقسام والاحتقان والاستقطاب..

ورغم تعامل الحكومة مع الاحتجاجات بصدر واسع، لكن تفاقمها قدم دليلًا أكبر على تراجع دور الحكومة والمجتمع المدني في حلها، ودل أيضًا بوضوح على غياب دور فاعل للأحزاب وعدم واقعية كثير من النخبة التي رفعت شعارات لفظية للتغيير دون أن تقدم هي الأخرى دليلًا واحدًا عمليًا على قدرتها على قيادة الجماهير نحو حلول عملية تمتص غضبهم وتعيدهم إلى مستقبلهم..

ورغم أن المشهد العام بدا في جانب منه، حراكًا سياسيًا واجتماعيًا فإنه لفرط عشوائيته أحيانًا، ووقوعه في غواية المال السياسي وأجندات الخارج أحيانًا أخرى، تحول لفوضى هدامة تناقض أهداف الثورات وغاياتها بل تجافي روح الشرائع والأديان ودعواتها..

والسؤال هل تغير شيء في الأحزاب أو المجتمع المدني أو القوى السياسية؟، وهل انخرطت في أولويات هذا الوطن.. أروني دليلًا واحدا على ذلك.
الجريدة الرسمية