كفانا فوضى
أعتذر لتناول تلك السلبيات والمشكلات، لكن هذا من فرط حبي لوطني، ولأن أول من يشغلني في الحياة هو الإنسان، فلتلتمسوا لي العذر؛ من منا لا يلمس ويدرك بل ويستطيع أن ينظر ويكتب تقارير تفصيليةً عن حال البلد؟ ببساطة لأننا نعيش تلك الأزمات، نعم كلنا نعاني ذات المشكلات اليومية، كلنا نسير في شوارع مصر المليئة بالحفر والمطبات، نعاني عشوائية المرور، فإن حالفك الحظ يومًا ووجدت عسكري مرور، ذلك البائس الذي لا يحفل بوجوده البعض، تجده لا يحمل حتى دفترًا لتسجيل المخالفات، تراه في وادٍ والإشارات الإلكترونية في وادٍ آخر.
كلنا نعاني الأمرين عند الذهاب لأي مصلحة حكومية، وقد تقضي الساعات في إنجاز عمل لا يحتاج إلا لدقائق لإنهائه، ويتعرض أبناؤنا لأم الكوارث في مدارسنا حتى الخاص منها، فلا تجد تعليمًا حقيقيًا ولا ممارسة أنشطة مدرسية، ناهيك عن مدرسين غير مؤهلين من أصله لا لتربية أو لتعليم، فبدلا من أن يكون لهم الدور الأعظم في تشكيل العقول وبناء الشخصيات، يؤثرون سلبا على التلاميذ إلا من رحم ربي، ولدينا بكل فخر أعداد هائلة ينتمون لفصيلة "إنسان" لكنهم لا يجدون في حياتهم أي دليلٍ على ذلك، حتى أصبَحت إذا سمعت كلمة "العشوائيات"، تقفز لذهنك صورة جامعة لكل أنواع القهر، الضياع، الانحراف والحرمان تجدها متجسدة أمام عينيك.
حدثتكم الأسبوع الماضي عن إحباط الشباب وفقدانهم الأمل في تحسن أوضاع الحياة، قلت: ماذا لو حلمنا معًا بفريق عمل تشكله الدولة، حيث إن المجهودات الفردية وحدها لن تجدي، يتكون من متخصصين في (علم الاجتماع، علم النفس، وأساتذة تربية...) وقد وضعوا لنا خطة تستهدف وعي الفرد وإعادة بناء المجتمع وإعلاء قيمه الأخلاقية، من صلاحيته الاستعانة بمن شاء من مؤسسات الدولة، ويقوم الفريق كذلك بتدريب القائمين على تنفيذ الخطة، ومتابعتهم ومحاسبة المقصرين، كوزارة التربية والتعليم لتطوير المناهج وتدريب المعلمين وتفعيل دور الاختصاصي الاجتماعي، كذلك الإذاعة والتليفزيون لتوجيه رسائل توعوية متنوعة لتفعيل الخطة، تعد بشكل مدروس وتكون شيقة وتعرض باستمرار بين البرامج، وهي أقصر الطرق وأسرعها تأثيرًا وانتشارًا حيث تصل لجميع شرائح المجتمع، وأكرر شباب مصر ما زال في انتظار من يحنو عليه، فلا تتأخروا.