رئيس التحرير
عصام كامل

من دولة الظلم.. لدولة الجهل!

ياسر عامر
ياسر عامر

ما زلنا نذكر ونردّد دولة الظلم ساعة، ودولة العدل إلى قيام الساعة، لكن لا دولة الظلم فعلًا ساعة، بل بالعكس دى سنوات وقرون طويلة، ولم نشهد بعد زوال دولة الظلم حتى الآن، واللى بيقولوا عنها دولة للعدل ويتوقعون أن تظل إلى قيام الساعة.

قد تظن أنى متشائم قليلًا حين أقول إن الساعة ستقوم قبل أن نشهد دولة للعدل رغم أن الخطيب (إمام المسجد) فى كل جمعة، أكثر الله من خيره، وقلّل من شره، يذكّرنا بأن الله يأمر بالعدل -أول ما أمر به- والإحسان وإيتاء ذى القربى وينهى عن الفحشاء -أول ما نهى عنه أيضًا- والمنكر والبغى، ولكننا كالعادة، وِدْن من طين والأخرى من عجين من قمح منتهى الصلاحية كالعادة أيضًا.
وأتذكر زماااااااااان قوى منذ أن كنت فى أولى مراحل التعليم الجامعى، وجاء إلينا أستاذ لمادة المجتمع الريفى وسألنا إيه يا ولاد اللى بعد اليوم الأسود؟ فقلنا جميعًا ببراءة الأطفال الأبيض يا دكتور، وأجاب هو بلغة الخبير "لأ.. الأشد سوادًا، ثم الحالك السواد"، أما أنا وأعوذ بالله من دى كلمة، لو استطعت أن أقنع نفسى بزوال دولة وعهد الظلم والظلمة، فإنى مقتنع اقتناعًا تامًا أننا نعيش عصر الجهل والظلمة أيضًا.
والجهل الذى أقصده ليس عدم التعليم أو الأمية لا سمح الله، فيكفى الأمى شرفًا أنه لم يدخل دور الجهل المسماة كذبًا وافتراء مدارس وجامعات، ولكن الجاهل الذى أقصده هو الحاصل على أعلى الشهادات، ولكنه متمسك بالجهل كنوع من الأصالة، وعدم إعمال العقل كنوع من الحفاظ عليه من العمل، فعدادات عقولهم لم تسر سنتيمترًا واحدًا إلى الأمام، وأصبح شعارنا للخلف سريعًا مارش.
عذرًا عزيزى القارئ، فأنا لا أرى حولى إلا مظاهر للجهل والتخلف فى كل مكان، بل تجد الجاهل فى وسيلة مواصلات مثلًا يرفع صوته ويصر على إسماع الناس جهله رغمًا عنهم، حتى الصامتين الذين كنت أعتقد أن صمتهم دلالة على علمهم عندما تحدثوا أظهروا جهلهم، وكما قال الشاعر بخيبة أمل "وكأن صمتهم دواء لجهلهم"، فصرنا نسبح فى ظلمات ثلاث، الجهل والفقر والمرض، فلا مدارس وجامعات تزيل جهلنا، ولا أفكار تزيل فقرنا، ولا أطباء تكون سببًا فى شفائنا، فبتنا فى ظلم وأصبحنا فى جهل، والله يرحمه حليم كان زعلان إن الموج الأزرق فى عينيه، دا إحنا العفاريت الزرق قدام عينينا، وإننا نغرق نغرق نغرق فى بحور من الجهل.
وأختم بنكتة: بيقولك واحد من إخواننا الجهلة طلع له عفريت قال له أطلب أمنية بسرعة، فرد الجاهل خائفًا، والله مش معايا رقمها، فاحترق العفريت وظل الجاهل على جهله. وبس خلاص إييييييييييييييييييه.
الجريدة الرسمية