جواهر نفيسة
من القواسم الحضارية المشتركة بين كل الأمم والحضارات على مدى التاريخ، أن الأسرة هي صاحبة الدور الأكبر في رعاية الأبناء، وتشكيل أخلاقهم وسلوكهم، فالأسرة هي "الغطاء الإنساني للفرد" وهي التي تمده بالقيم والأعراف والعادات، وما أجمل تلك العبارة التي قالها سيدنا عمر بن عبد العزيز "الصلاح من الله والأدب من الآباء"، ولذلك يرتفع شأن التربية فهي بمثابة لوحة نرسمها بكل تفاصيلها كما نشاء، فقلوب الأبناء ونفوسهم هي في حقيقة الأمر جواهر نفيسة خالية من كل نقش وصورة، وهم قابلون لكل ما ينقش عليها، فإن عُوِّدُوا الخير والمعروف نشئوا عليه، وسُعِدوا في الدنيا والآخرة، وشاركهم في الثواب والديهم على حسن صنيعهم ومجاهدتهم في الحياة لتنشئة أبناء صالحين، وإن عُوِّدُوا الشر والباطل، شقُوا وهلكُوا، وكان الوِزْرُ في رقبة والديهم حيث قصروا في تربيتهم.
كثيرًا ما يشكوا الأهل من صفات أبنائهم حيث تسبب لهم إزعاجًا مستمرًا، لكن البشرى هي أن بإمكانكم الاستفادة من تلك الصفات الفطرية بدلا من طمسها، وذلك بتوجيهها لوجهتها الصحيحة فتتحول لصفات رائعة، كتحويل صفة "العند" مثلا إلى دائرة الإصرار على الحق وعدم التنازل عنه والمثابرة والصبر، وتوجيه "الحركة الزائدة والشغب" إلى الفاعلية والنشاط ومساعدة الآخرين والرياضة البدنية، كما يمكنكم بناء شخصية الأبناء بأساليب متنوعة منها:
اغتنام أوقات الفراغ للجلوس معهم وتبادل الحوارات لتنمية وعي الصغار وتربيتهم على الصراحة، واحترام شخصياتهم وبث الثقة في نفوسهم، وإعطاؤهم كل المشاعر الإيجابية كالحب والتقبل، وتخليص نفوسهم من المشاعر السلبية، وتجنب السخرية منهم والتقليل من شأنهم خاصة أمام الأقارب والأصدقاء، والامتناع عن التهديد بالعقاب إذا وقعوا في أخطاء، وليحرص الأم والأب على عدم نقل خلافاتهم للصغار، إذ أن هذا الأمر يفقدهم الثقة في الأسرة، كما ينبغي خلق الجو المناسب الذي يساعدهم على ممارسة هواياتهم ومهاراتهم، وتدريبهم إنسانيا على كيفية التواصل الاجتماعي السليم مع الآخرين، عليكم إن وجدتم في أبنائكم ( عيبًا.. فبالرفق غيروه، أو نقصا.. فبالصبر أكملوه، وإن كان حسنًا فبدعمكم زيدوه ).