رئيس التحرير
عصام كامل

"كام ".. نصف كاميرا


كانت هي المرة الأولى التي اهتم بها بحضور ومتابعة مهرجان للسينما ولكن ما جذبنى إلى ذلك هو كون هذا المهرجان مصريا مائة في مائة ووضحت رؤية رئيس هذا المهرجان الأستاذ المخرج علاء نصر والذي استمعت إليه وصدقته وأنا غالبا لا أصدق المنتديات التي يظهر بها النجوم ولا كلامهم المعسول ولا ضحكاتهم التي غالبا ما تكون إلا للشكل الجمالى أمام الجماهير.

ولكن هذه المرة حالفنى الحظ أن أكون أحد الحضور في الدورة الرابعة لهذا المهرجان وهو مهرجان "كام" السينمائى الدولى للأفلام القصيرة وعندما قام الأستاذ علاء نصر لإلقاء كلمته بهيئة الاستعلامات شرح للحضور لماذا كلمة "كام "والذي أعتقد الكل أنها تقليد لمهرجان كان فاستبدل الميم بالنون ولكنه قال إن كام هي نصف كلمة كاميرا ويعنى هنا أن هذا المهرجان يمكن أن يشارك فيه أي مبدع حتى لو بكاميرا صغيرة وحتى في أضيق الحدود كاميرا التليفون المحمول مما لفت نظرى وأجبرنى على الانتباه أنه يريد أن يخلق من الشباب إبداعا واستغلالا لطاقاتهم في حب التصوير في تسجيل أفلام قصيرة لها مضمون ولا يشترط أن يكون الشاب دارسا للإخراج أو التصوير.

هذا الأمر كما شد انتباهى يبدو أنه لاقى استحسانا من وزارة الثقافة والسياحة وإعجاب كثير من النجوم مما أظهر المهرجان في دوراته الثلاثة السابقة في صورة مشرفة لمصر أمام العالم وهذا كما عُرض علينا من ملخص في بداية المهرجان ولكن هذه الدورة بالرغم من إعجابى الشديد بها كأول مرة أشاهدها كنت منبهرا بها والتي جعلتنى لا أفهم الدموع التي كان الأستاذ علاء نصر يحاول عدم إظهارها لنا في المرة الأولى وهو يتحدث على عدم وجود رعايا للمهرجان وعجز التمويل ولكنه في بداية المهرجان الذي أقيم بسينما نورماندى بمصر الجديدة لم يستطع هذه المرة كتم دموعه لعدم حضور معظم النجوم المدعوين.

والسؤال هنا كيف لمهرجان كهذا لا تتبناه وزارة الثقافة بصفة دورية كل عام وكذلك وزارة السياحة لتشجيع السياحة إلى مصر 
وقد شدنى الفضول أن أطرح سؤالا إلى الأستاذ محمود قابيل رئيس المهرجان الشرفى وقلت له لماذا لا يمول هذا المهرجان النجوم الذين يحضرونه كل عام والذين يتقاضون الملايين من الفن مما رسم سؤالى ابتسامة على وجهه ورد قائلا إن سؤالك لهو إقرار واقع للأسف.

كم نحن المصريين بحاجة إلى مثل هذه المهرجانات ليس في السينما فقط بل في المسرح وفى كل نواحى الفنون والتي شأنها الرقى بالذوق العام والخروج به من المستنقع الذي نحن فيه والذي لا يمكن بناء أي حضارة على أرض مصر في ظل هذه المستنقعات السلوكية التي تحيط بنا في كل جانب من جوانب الحياة والتي تجعلنا نتعايش مع كل قبح وأصبحنا لا نستطيع تذوق الجمال. 
فأساس أي حضارة لأى وطن هو شعب يستطيع استيعاب هذه الحضارة ومؤمن بها فنحن لا يمكن لنا النهوض بمصر حضاريا إلا من خلال عاصفة شديدة من الإبداع ترتقى بالذوق العام ولا يتم هذا إلا من خلال مبدعينا ومن خلال هذه المهرجانات التي تجمع كل شاب مبدع وإسقاط الضوء على الجوانب المشرقة من المجتمع المصرى لتعميمها والجوانب المظلمة منه لإغراقها في أضواء الحضارة الجديدة فتشرق لنا مبدعين جدد لبناء مصر جديدة ولا يتم هذا إلا من خلال الفن الذي يصنعه المصريون بأنفسم لا المفروض عليهم جبرًا من خلال القنوات الفضائية ودور السينما.

فكل الشكر للأستاذ المخرج المبدع علا نصر رئيس الجمعية المصرية العربية للثقافة والإعلام والفنون وأحيه على مجهوده الرائع وما تكبل به من مصروفات لإخراج هذا المهرجان..فهكذا يكون المصرى عندما يؤمن بواجبه تجاه الوطن فلك الله يا مصر حماك الله ورعاك.
الجريدة الرسمية