رئيس التحرير
عصام كامل

انخفاض أسعار البترول.. "ألاعيب سياسية".. خبراء: مناورة سعودية لضرب روسيا وإيران.. تدهور الأسعار بسبب ضعف الطلب وتراجع معدلات النمو وركود الاقتصاد العالمي.. وزيادة عرض الولايات المتحدة من النفط الصخري

فيتو

كثر الحديث عن قرار سياسي بخفض سعر النفط للضغط على روسيا وإيران من أجل تغيير مواقفهما السياسية، ومع أهمية قرار كهذا إن وجد، فإن الركود وتخمة العرض يدفعان إلى مزيد من التدهور في السعر.

السعودية أول الخاسرين

من الناحية الاقتصادية يصعب على المراقب تفهم قبول السعودية باستمرار تدهور سعر النفط الخام إلى ما دون 70 دولارًا للبرميل، لاسيما أنها كانت سابقًا ترى السعر العادل بحدود 75 إلى 80 دولارًا للبرميل، ويزيد من صعوبة تفهم ذلك أنها أول الخاسرين من هذا التدهور كونها أكبر منتج في منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك"، إذا يبلغ إنتاجها اليومي ثلث إنتاج المنظمة، نحو 10 ملايين برميل يوميًا.

ورغم الخسارة اليومية بعشرات الملايين من الدولارات ترفض الحكومة السعودية فكرة اتفاق الدول المنتجة على تخفيض صادراتها النفطية بهدف تقليص العرض في الأسواق ولجم تراجع الأسعار، وليس ذلك وحسب، فالسعودية تعرض على المشترين الآسيويين والأمريكيين شحنات نفطية بخصومات تزيد من حدة التنافس بين المنتجين وتدفع باتجاه المزيد من التراجع في الأسعار.

قرار سياسي

يرى خبراء أن السلوك السعودي ينطوي على قرار سياسي هدفه الضغط الاقتصادي على روسيا وإيران بهدف تغيير مواقفهما السياسية إزاء الأزمات في سوريا والعراق وأوكرانيا.

تدهور السوق

ولا يقتنع هؤلاء بالتبرير السعودي القائل إن مزيدا من التخفيض في السعر سيدفع منتجي النفط الصخري في الولايات المتحدة إلى التوقف عن الإنتاج بسبب تكاليف الاستخراج العالية التي تزيد على 60 دولارًا للبرميل الواحد، في حين تبلغ تكلفة إنتاج البرميل غير الصخري في الخليج والعراق ثلث هذا المبلغ أو أقل، ومع هذا التوقف سيقل العرض وترتفع الأسعار مجددًا.

ألاعيب سياسية

وسبق للرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن صرّح مؤخرًا بأن هبوط أسعار النفط العالمية الذي يلحق الضرر باقتصاد بلاده، يرجع في جانب منه إلى ألاعيب سياسية دون أن يسمي بلدان بعينها.

احتياطات مالية

وتحتاج روسيا وإيران إلى سعر نفط لا يقل عن 100 دولار للبرميل الواحد من أجل الحفاظ على الانتعاش الاقتصادي، أما السعودية والكويت والدول الخليجية النفطية الأخرى فيمكنها التعويض عن تراجع الإيرادات النفطية بالاعتماد على الاحتياطات المالية الضخمة التي راكمتها خلال طفرة ارتفاع الأسعار، غير أن هذه الاحتياطات لن تكون كافية على مدى سنوات إذا أخذنا بعين الاعتبار احتياجات موازناتها المتزايدة للإنفاق على الخدمات الأساسية والبنية التحتية.

عامل السوق

مما لا شك فيه أن القرار السياسي دائم الحضور على صعيد تحديد أسعار النفط وسلع أخرى حيوية للاقتصاد العالمي، وكان هذا القرار يلعب دورًا أقوى في الماضي عندما كانت دول أوبك تغطي 40 % أو أكثر من الإنتاج العالمي، أما اليوم ومع تزايد عدد المنتجين فإن حضورها في السوق أضعف بكثير بسبب صعود منتجين جدد من خارج إطار المنظمة، كما أن الخلافات السياسية بين أعضائها، وفي مقدمتهم السعودية وإيران، تحجم دورها أكثر فأكثر.

ركود الاقتصاد العالمي

في كل الأحوال ومهما يكن دور السياسة في خفض سعر النفط، فإن الانخفاض الحالي لا يعود إلى خلفيات سياسية فقط، فهو يعود أيضًا إلى عوامل أخرى لا تقل أهمية من أبرزها ضعف الطلب بسبب تراجع معدلات النمو وركود الاقتصاد العالمي، لاسيما في بلدان رئيسية مستهلكة مثل ألمانيا واليابان والصين.

النفط الصخري

كما يعود إلى زيادة العرض في السوق من قبل الولايات المتحدة التي يزداد إنتاجها من النفط الصخري بشكل يؤهلها إلى احتلال مرتبة الصدارة بين الدول المنتجة بحلول عام 2017، وبحلول عام 2020 يتوقع وصول إنتاجها إلى أكثر من 11 مليون برميل يوميًا.

الاتفاق النفطي بالعراق

يضاف إلى ذلك أن دولًا منتجة كالعراق تضخ حاليًا نحو 3 ملايين برميل يوميًا بدلًا من 1.5 مليون برميل قبل سنوات قليلة، ومن المحتمل ارتفاع صادرات العراق من 2.5 إلى 5 ملايين برميل يوميًا في غضون سنوات قليلة بعد التوصل إلى الاتفاق النفطي بين الحكومة المركزية في بغداد وحكومة إقليم كردستان، كما أن هناك فرصة لليبيا من أجل ضخ مزيد من النفط بعد تحسن الوضع الأمني في منطقة إنتاجه ونقله.

تدهور الأسعار

على ضوء ما تقدم ومع احتمال التوصل إلى اتفاق بين إيران والغرب من شأنه ضخ المزيد من النفط الإيراني في الأسواق، تبدو الأسواق النفطية مقبلة على مزيد من التخمة في العرض، وبالتالي على مزيد من التذبذب في الأسعار والضغط عليها.

تنويع اقتصاديات الخليج

أما الدول المنتجة التي تعتمد على الصادرات النفطية في موازناتها بنسبة 40 % وما فوق فليس أمامها إزاء ذلك سوى المبادرة بالسرعة الممكنة إلى تنويع اقتصادياتها وتوفير إيرادات بديلة عن الريع النفطي الذي شجّع على إشاعة ثقافة استهلاكية تعتمد على الاستيراد، ونخص بالذكر من هذه الدول على الصعيد العربي دول الخليج وليبيا والجزائر والعراق التي يشكل النفط العمود الفقري لصادراتها.

هذا المحتوى من موقع شبكة ارم الإخبارية اضغط هنا لعرض الموضوع بالكامل

الجريدة الرسمية