الدائرة المفرغة
عندما يطفح كيلهم يكون السؤال الأشهر بين الآباء "نعاقب ولادنا إزاي ؟ " بدلا من " نساعد ولادنا إزاي؟! "، عجبا أيها الآباء أن أراكم اليوم تبحثون عن طرق لمعاقبة ذلك الطفل الضعيف الذي دفعتموه أنتم بسلوككم التربوي الخاطئ لما تشكون منه الآن.
يتعامل أغلب الآباء مع أطفالهم من البداية بشكل عشوائي، دون قواعد تضبط العلاقة بينهم، ويفتقد الطفل وجود ثوابت تربوية في حياته، فيترتب على ذلك أن يشعر بحيرة تجعله لا يستطيع تقييم تصرفاته، أو تحديد الصح من الخطأ، مما يؤدي لفقدانه الشعور بالارتياح والأمان، فيضطرب سلوكه ويصبح مؤرقا لوالديه، عندها تسمع منهما ما شئت من الشكاوى، ابني عنيد، شقي، مبيسمعش الكلام، بيضرب أصحابه في المدرسة، ومبيركزش في الفصل...
وبدلا من أن ينتبه الأهل للمشكلة ويحاولون حلها، تجد التركيز على كيفية معاقبته حتى يكف عن هذه الأفعال المزعجة لهم، ظنا منهم أنه الحل، لكن للأسف هم بذلك يزيدون الأمر تعقيدًا فيزداد الطفل اضطرابا، والعجيب أنك إذا سألتهم: هل عندما تضربون طفلكم لقيامه بسلوك ما تجدونه يكف عن فعله مرة أخرى ؟ فتكون الإجابة "لا" إذًا المنطقي أن تبحثوا عن حلول أخرى.
للطفل حاجات معنوية كثيرة يحتاج لتلبيتها كالقبول والمدح والطمأنينة، والتقدير الذاتي، وعندما لا تشبع احتياجاته النفسية تجده يتخبط تارة ومتعمدا إزعاج أهله تارة أخرى، وكأنه يصرخ ليقول أنا هنا، أنا موجود، أحتاج للحب والحنان والتقدير.
أرجوكم لا تدخلوا أبناءكم في هذه الدائرة المفرغة، فكلما كانت ردود أفعالكم عنيفة وسلبية ومحبطة كان سلوك أبنائكم مصدر قلق لكم جميعا، أبناؤكم يستحقون الكثير.
لقد منّ الله عليكم بنعمة الولد، وأروع صور شكر النعمة صيانتها، اليوم أولادكم كالبذور التي غرستموها وتحتاج منكم عناية فائقة وبذل الكثير من الجهد لرعايتها حتى تنبت ويشتد عودها، اليوم تزرعون وغدا تحصدون ما يسر قلوبكم إن شاء الله.