الزواج المدني الحائر
حضرت مؤتمرًا أقيم في فندق سفير بالدقي بخصوص الزواج المدني للمسيحيين حيث طرح السادة الحضور مشاكل المسيحيين مع الكنيسة والتي ترفض مبدأ الطلاق إلا لعلة الزنا فقط وقد طُرح أن هذه العلة تتوقف على وجهة نظر الكنيسة، فربما يتم الطلاق لعلة الزنا نتيجة مكالمات تليفونية يتم رصدها من على الهاتف المحمول وهذا على حد قول البعض. وقد طرح البعض أن الزواج شأن مدني وجد قبل المسيحية، إذن فلا شأن للكنيسة به لأن الزواج وجد قبل الأديان. وكما في الإسلام من مشكلة تفسير النصوص يعانى المسيحيون من التعسف في قراءة النصوص في الإنجيل فيقولون إن هناك نصوصًا قرأت على أنها تمنع الطلاق حتى بتغيير الدين.
ولقد تعجبت كثيرًا عندما سمعت أنه أيضا في المسيحية يوجد ما يسمى بالناسخ والمنسوخ وهى النصوص التي إن استشهد بها فرد يُرد عليه بأن هذا النص قد نُسخ وأصبح لا يعمل به في المسيحية.
وبهذا تشجع على الزنا وهذا أيضا على حد قولهم حيث إن أحد معتلي المنصة قال "أنتم تطوفون الدنيا لتقنعوا الناس باعتناق المسيحية ثم تعدونهم لدخول جهنم وهذا لاضطرار البعض الزنا أو القتل أو ترك الدين وهو من أمور الكفر التي تؤدى بصاحبها إلى جهنم".
وقد عرضت مشكلة الأولاد الناتجة من زواج مدني وقالوا إن من حقهم اللجوء إلى الكنيسة بمبدأ أن الإيمان لايورث. ومن هنا نشعر جميعًا أن هناك حركة تنويرية تشرق في مصر حيث تمرد بعض المفكرين الإسلاميين والناس على شيوخ الفتنة وكذلك تمردوا على التراث العقيم في الإسلام، نجد في المقابل تمرد المفكرين المسيحيين على قانون الكنيسة قائلين إن السبت وضع من أجل الإنسان وليس العكس ويقصد بالسبت هنا الشريعة ويطالبون بقراءة جديدة لنصوص الإنجيل لنهضة الإنسان، معللين أن المسيح رفض التدخل في الحكم بين إخوان بينهم ميراث فإذا كان المسيح رفض أن يكون قاضيًا فمن باب أولى أن الحكم يكون للدولة والمحاكم المدنية فهى المختصة بالحكم على الإنسان.
وقالوا "نحن نرفض الصدام بيننا وبين الكنيسة لأن الصدام لا ينتج حلولًا فالحلول تأتى بالحوار وهم يقرون العمل بمبادئ الشريعة الإسلامية لأنها تتوافق مع المبادئ الإنسانية عامة وختم القس رفعت فكرى بكلمته المختصرة قائلا إن الدولة حائرة بين ماهو دينى وماهو مدنى وقال إن المسيحية ليست دين شرائع فليس في المسيحية أي شرائع.
فكان مؤتمرا فوق الرائع حيث تكلم الجميع بكل صراحة مصرين العزم على تغيير المفاهيم القديمة لإنتاج أجيال مستنيرة فما يعانيه المسيحيون يعانيه المسلمون مع فتوى شيوخ الفضائيات وقد حان الوقت للتصالح الفكرى بين الناس جميعًا وهذا لن يحدث إلا عندما يتصالح فكريًا أصحاب الديانة الواحدة.
وقد خرجت من هذا المؤتمر بعد الحوار الساخن مع السادة الحضور ومن خلال خبرتى المتراكمة ومشاهداتى الحياتية أن رجال الدين يفسرون النصوص طبقا للعادات والتقاليد ونشأتهم لا طبقا للنص نفسه فالكل حمل الكتب السماوية من تفسيرات أفقدت للنص غرضه.
وسأنهى مقالى بمثال واحد في الإسلام هو مسألة دخول الحمام وأن الحمامات نجسة طبقا لنص الحديث عند دخول الخلاء فهل الخلاء الذي تتراكم فيه كل القاذورات ينطبق على الحمامات الحديثة النظيفة ولكنها فتوى المشايخ التي اتبعها الناس قرونًا عن طاعة عمياء بلا تفكير والأمثلة كثيرة.
فقد حان الوقت فعليًا للتصالح الفكرى وتعظيم نقاط الاتفاق في الفكر الإنسانى والتصالح مع كل المعتقدات الأخرى. فما يثير تعجبى هو أننا نطبع علاقاتنا مع الصين والهند الذين يعبدون البقر والشمس وندعو لمحاربة الشيعة في البلاد العربية وإيران لأنهم يسبون بعض الصحابة، يا لها من مسخرة إنسانية نتصالح مع من لا يتعرف بديننا من الأساس ونحارب من يختلف في جزئية يمكن تداركها أو تجاهلها.
ولا أريد أن يتهمنى البعض بأننى أدعو للشيعة، أنا فقط أدعو للتصالح الإنسانى مع كل البشر،
وفقنا الله لما فيه صالح العباد جميعًا..