حسبة برما وحسبة محلب
المتابع نصف الجيد لقضية تقسيم الدوائر، يدرك ببساطة أن الطرف الثالث عاد للظهور وبقوة، ففي الوقت الذي أعلن فيه الرئيس أكثر من مرة عن إجراء الانتخابات، تتراجع الأخبار إلى دائرة عدم اليقين، وهو ما يشير إلى ظهور الطرف الثالث الذي اختفى باختفاء الإخوان في السجون، فأصبحت عودته محل جدال ونقاش، فالأحزاب السياسية لا تعرف ما هو سبب تأخير تقسيم الدوائر، والحكومة لا تعرف سببًا لذلك ولا توجد مؤسسة في البلاد تستطيع من خلالها أن تعرف من ذلك الذي يعطل التقسيم؟!!
ومن فرط الحديث عن الدوائر وأيامها، يحسب المرء أن الأمر أعقد من حسبة برما، وحسبة برما كما تعلمون تنتمي إلى قرية برما التي تسبب أحد مواطنيها في سقوط قفص بيض من على رأس سيدة وأراد تعويضها، فسألها عن عدد البيض حتى يدفع لها ثمنه، فقالت: إن أنت أحصيت البيض بالثلاثة تتبقى بيضة، وإن أحصيته بالأربعة تتبقى بيضة، وإن أحصيته بالخمسة تتبقى واحدة، وإن أحصيته بالستة تتبقى واحدة، أما إن أحصيته بالسبعة فلا يتبقى شيء.
اجتمع أهل القرية ليحسبوا كم كان عدد البيض، وبعد مداولات وعمليات حسابية معقدة بين أهالي برما وصل أحدهم إلى الحل، إذ تبين له أن عدد البيض كان ٣٠١ بيضة..
ومن حسبة برما إلى حسبة محلب، نعود لنتدارس الأمر لعلنا نصل إلى حل للغز تقسيم الدوائر الذي زاد تعقيده عن حسبة برما وغيرها من «الحسبات الملغمة»، وأغلب الظن أن السيد رئيس الوزراء هو وأفراد حكومته لا يعرفون كم عدد البيض في قفص الانتخابات!
وقفص الانتخابات لا يعرف أحد من الذي يحمله، ولا من الذي يتسبب كل مرة في سقوطه على الأرض، ومن ثم تحطم ما به دون القدرة على الوصول إلى العدد الحقيقي لبيضه حتى يتم توزيعه على كافة القوى السياسية والأحزاب ليعرف كل تيار ماذا هو فاعل في الانتخابات بعد أن يتبين لهم عدد بيض رئيس الحكومة أو حتى عدد المقاعد وتحديد الدوائر.
أغلب الظن أن كافة مؤسسات الدولة تنتظر تليفونًا من الرئيس مبارك، إذ عاشت هذه البلاد ثلاثين عامًا تنتظر «رنة تليفون»، وأذكر أني سألت أحد وزراء عصر مبارك وكان يتعرض لهجوم شرس من جريدة الشعب.. هجوم غير مبرر.. سألته: هل يخطط النظام للتخلص منك؟.. ضحك الرجل وهو يقول: هل تعتقد أن النظام بحاجة إلى تخطيط للخلاص مني، وهل تتصور أن تقوم المظاهرات تأييدًا لي ضد النظام.. وأردف قائلا: عندما يريدون أن يتخلصوا من أحد فإن إبراهيم يتصل بهذا الأحد، ليقول له «الريس بيقولك ما تروحش المكتب من بكرة».. سألت الوزير ومن هو إبراهيم ؟.. رد قائلا: لا أحد يعرفه !!
ويبدو أن إبراهيم ذلك الشخص المجهول لايزال له دور فيما يحدث، ولا يزال الجميع ينتظرون إبراهيم أو اتصاله أو حتى إشارته للوصول إلى حل أو إعلان التقسيم الذي من المفترض أن تكون لدى إبراهيم نسخة منه، ولكنه ينتظر لتشويق الجماهير مثل مسلسلات أسامة أنور عكاشة.. المهم أنه حتى يبادر السيد إبراهيم بالاتصال فإننا لانزال ننتظر حتى يتم الإعلان عن السر الغامض، فتجهز القوى السياسية قوائمها ودوائرها ومرشحيها قبل أن يصبح الهدف الأسمى هو معرفة التقسيم أو أين يقيم إبراهيم!!