رئيس التحرير
عصام كامل

أوهام طلب المحال

فيتو

لست على يقين من أن رسامي الكاريكاتور يدركون أبعاد القيمة الساخرة المضافة الخفيّة، حين يرسمون العالم على هيئة آدمي رأسه الكرة الأرضية . هم يستخدمون هذا الرسم في حدث من أحداث الساعة أو ما شاكل . ولكن الكاريكاتور الداخلي الضمني أبعد مدى في السخرية، فالعالم الذي رأسه كرة عليها خرائط أو خطوط طول وعرض، إنما هو عالم لا يرى ولا يسمع ولا يشمّ ولا يتذوّق .

العالم هو بالضبط مثل تلك القرود الثلاثة الطريفة التي يرسمها الفنانون في الكاريكاتور، ويجسّدها غيرهم بطرائق شتى، أحدها يداه على عينيه، والثاني على أذنيه والآخر على فمه. "صُم بُكمٌ عُميٌ فهم لا يعقلون". وفي رسوم كثيرة تكون منظمة الأمم المتحدة هي المعنية بالأمر، هي الغاية والمقصود.

يقول المثل الشعبي: "الاسم العالي، والمربط الخالي” . فالاسم الثلاثي: منظمة الأمم المتحدة، لكن لا المنظمة لها علاقة بالنظام والتنظيم، ولا هي تقيم للأمم والشعوب وزناً، إلا من طغى وعبس وتولّى، ولا هي متحدة في قليل أو كثير. وكل اللعب على المكشوف، على طريقة: موتوا بغيظكم، وهل من مبارز؟ ولا تخلو المسألة من الدعابة، فعندما أسمع أو أقرأ لعربي يطالب بإصلاح منظمة الأمم المتحدة، أتذكر قول الشاعر: "بدارك لم تدرِ ماذا جرى . . فماذا دريت بأوج الفلكْ؟". أنت لم تقدر على إصلاح جامعة العرب، وتريد إصلاح العالم؟ على رأي أبي العلاء: "لم يقدُرِ الله تهذيباً لعالمنا.. فلا ترومنّ للأقوام تهذيبا".

لكن منظمة الأمم المتحدة تظل قضية خطرة في مصائر الشعوب، فالاستلاب في ذهنها، والغشاوة التي على عينيها، والوقر في سمعها، والعيّ في نطقها، والعوج في منطقها، هي أساس البلايا التي تعانيها البشرية التي لا تملك ما يكفي من القوة الرادعة . فنحن أمام مشاهد كاريكاتورية . في منطقتنا العربية أمثلة لا تصدّقها قصص الخيال والخرافات: أناس لا يملكون غير الحجارة، وآخرون لهم ترسانات نووية . والأقوياء يختارون مناصرة القنابل الذرية، ويدعمونها بكل ما أوتوا من قوّة.

لزوم ما يلزم: ما رأيكم في جلسة استحضار أرواح: عبدالرحمن عزام، سيد نوفل، محمود رياض، يوثانت، كورت فالدهايم؟ لكن، لا تطلبوا المستحيل: صلاح الدين.


نقلاً عن الخليج الإماراتية.

الجريدة الرسمية