رئيس التحرير
عصام كامل

أدونيس:الإنسان مركز الكون 3


أدلى أدونيس بتصريحات إلى إحدى الصحف الجزائرية أثارت أزمة عنيفة، عندما تطاول ـ على الله وطعن فى الإسلام والقرآن والسنة النبوية ـ ما أثار استفزاز الأوساط الدينية هناك، حيث استنكر رئيس جمعية العلماء المسلمين فى الجزائر الشيخ عبد الرحمن شيبان، تصريحات أدونيس واعتبرها "إهانة للإسلام الذى هو دين الدولة الجزائرية".


وقال شيبان: إن أدونيس تطاول على الإسلام وعلماء الإسلام فى أرض الجهاد والاجتهاد، أرض المليون ونصف المليون شهيد، وفى رحاب المكتبة الوطنية الجزائرية «ذاكرة الأمة».

وأضاف بيان جمعية العلماء المسلمين ردًا على ما صرح به الدكتور أدونيس من طعن فى التعاليم الإسلامية الصريحة ـ قرآنا وسنة ـ وتجريح سافر، ساخر، فى علماء الإسلام وفقهائه المجتهدين ـ القدماء والمعاصرين ـ ودعوته المسلمين إلى التخلى عن الدين بمثل أقواله: «إن طريق النهضة لا يتقدم بنا كمسلمين، إلا إذا أحدثنا قطيعة تامة مع تراثنا الديني، وتبنينا منظومة فكرية حداثية ترفض تقديس المقدسات الإسلامية».

كما توقف البيان عند تصريح أدونيس: «العودة إلى الإسلام تعنى انقراضنا الحضاري»، وقوله فى المرأة إنها: «لا وجود قانونيًا لها فى النص القرآنى وأنها ليست حرة ولا سيدة مصيرها»، وأنها: «أداة لإشباع غريزة الرجل».

واعتبر بيان الشيخ شيبان أن ما قاله أدونيس عبارة عن تعدّ صارخ على الإسلام، جاء من «شاعر إباحى ملحد، يدعى بغير اسمه ولقبه ويكتب شعرًا بلا روح ولا نغم».

وكان أدونيس قال: إن الإسلام كفّ عن أن يصبح «تجربة روحية»، وأضحى شرعًا فقط بشأن «كيف تلبس المرأة، وكيف يصلى الرجل، وكيف يقدم رجلًا ويؤخر أخرى، فلم يعد الإسلام متجهًا إلى القلب والروح».

شبّه الكثيرون أدونيس بسلمان رشدى صاحب «آيات شيطانية» ، ولكن هناك من رأى أن الأول أعظم خطرًا من الثاني، ربما كان ولا يزال أكثر تجرؤا على تجاوز الخطوط الحمراء وسنضرب لذلك مثالين:
المثال الأول: الحديث الذى أدلى به أدونيس إلى صحيفة «لوفيجارو» الفرنسية ونشرته «النهار» اللبنانية بترجمة «مدنى قصري»، والذى يعكس روح العلمانية القصوى منذ عنوانه: «أدونيس: الإنسان مركز الكون»! وفى الحوار يقول أدونيس: «الشخص فى الإسلام يعيش لكى ينجز ما هيّئ له سلفًا، والحال أن الهوية خلق دائم، فالكائن البشرى يخلق هويته حين يخلق عمله».

ويقول أيضًا: «كان جميع الشعراء الكبار ضدّ الوحي، لكنهم لم يجاهروا بذلك صراحة، كانوا يقولون ذلك داخل حياتهم الخاصة، كانوا يسعون إلى خلق وحيهم الخاص بهم ـ أى قرآنهم ـ إنى أتحدث عن كبار الشعراء من أمثال :أبى نواس وأبى تمام والمعرى والمتنبي. وبالمثل أنشأ الصوفية تصورهم الخاص بالإله، لا صلة له بتصوّر القرآن، من هنا إذن كان تصوّرا جديدًا فى العلاقات ما بين الإنسان والله ورؤية جديدة للقيم وللحقيقة لم يُفصَح عنها فى شكل نهائي. وكانت هذه ثورة معرفية داخل الإسلام. أما الذى خلق عظمة الشعر فليس الدين، بل على العكس».

المثال الثاني: المحاضرة التى ألقاها أدونيس فى لبنان أيضًا، برعاية «متروبوليت ـ بيروت»، ونشرتها صحيفة «النهار» أيضًا، أوضح فيها معنى ما أسماه «النظرة الأوحدية الدينية، بنية وممارسة»، استنادًا إلى الرؤية الدينية الوحدانية الإلهية للإنسان والعالم. وقال أدونيس:
"قامت هذه الرؤية الوحدانية فى صورتها الأكثر إحكامًا ودقة على ما يلي:
- رسالتها هى الرسالة الإلهية الأخيرة.
- النبى الذى نقلها أو بلّغها هو آخر الأنبياء أو هو، وفقًا للمصطلح الإسلامي، خاتم الأنبياء، ورسالته هي، طبعاً، خاتم الرسالات، كذلك.
وفى نظر أدونيس، «يعنى ذلك أمرين أساسيين»:
الأول: ليس للإنسان ما يقوله، أو ليس لديه ما يضيفه إلى الرسالة الإلهية، فبين هذه الرسالة التى هى كلام الله، والأشياء تطابق كامل ونهائي، من البداية وإلى نهاية العالم، وليس على الإنسان، إذن، إلا أن يؤمن، وأن يفسر ويشرح. أما التأويل ففيه نظر، وهو موضوع خلاف، لأن فيه شيئًا من عند الإنسان يزعم أنه يضيف جديدًا إلى المعرفة التى هى من عند الله.

الثاني: الله نفسه لم يعد لديه ما يقوله، من حيث إنه أعطى كلامه الأخير لنبيه الأخير. فالعالم معروف سلفًا والمعرفة بحقائقه أعطيت مرة واحدة وإلى الأبد من قبل الله، بوساطة الوحي.

وأخيرًا، يعتبر أدونيس أن «لهذه الرؤية، على الصعيد المعرفى - الوجودي، «4» خصائص تتجلى فى الممارسة.. الأولى: أن الحقائق قائمة مُعطاة، مسبقًا بشكل كامل ونهائي، الثانية: أعطت هذه الحقائق أصواتًا نبوية، أى أصواتًا لا تخطئ.. الثالثة: الكلمة، إذن، أكثر واقعية من الشيء، بل الكلمة هى نفسها الواقع.. والرابعة: الخطاب، تبعاً لذلك، هو الذى يصنع الوجود.

من كتابى "ضد الإسلام"..الطبعة الثانية.

الجريدة الرسمية