هؤلاء أقوى من وزير.. التعليم ولا مؤاخذة
ترسم الكوارث التي تنال من تلاميذ المدارس المصرية، ملامح جديدة لهيبة منصب وزير التعليم عندنا، تنتهي بك أبسط تشريحاتها إلى قناعة واحدة، أننا صرنا في زمن "اللي ما يشتري يتفرج"، فلا خطة تملكها وزارة تنفق 80% من ميزانيتها على الأجور والرواتب، خاصة على العاملين بديوانها، ولا وزير تجد ألمع تصريحاته بعيدة عن غضبه بسبب "خربوش" أصاب وجه حارس أمن على بوابته، متهم بالاعتداء على زميلة صحفية.
هيبة منصب الوزير تسقط بالضرورة لأسباب أخرى أكثر موضوعية، فمن حوله أقوى منه تأثيرًا وأشد فعلًا في رسم السياسات التعليمية خلال العقدين الأخيرين، ليظهر معلمون بمنهج "ديليفري" وآخرون "شوارعية" تملأ إعلانات مراكزهم حوائط مصر، وصولًا إلى مديري مدارس يستقبلون أولياء أمور "كي جي 1" بابتسامة مصحوبة بعبارة "هات التختة لابنك معاك".
ولأن إبقاء الأوضاع على ما هي عليه، مبدأ حكومي متخلف تعتمده وزارة التعليم في تعاملاتها مع أزمات المدارس، يقف هنا أولياء أمور تلاميذ إحدى مدارس التعليم الأساسي بمدينة 6 أكتوبر، مصدومين أمام صمت وتخاذل الوزارة في التعامل مع تجاوزات صارخة تصل حد الجرائم، إن صحت، لمدير مدرسة يديرها لحسابه، وتتعدى جرائمه العقل إلى حد اتهامه في "جنحة رقم 10461 لسنة 2014" بخصوص ضرب أحد التلاميذ، بخلاف العديد من المخالفات المالية والإدارية التي لم يتم التحقيق فيها حتى الآن، حسب رسالة شريف العزب أحد أولياء الأمور.
دعنا نترك الإهمال هنا ونرصد أصحاب الحق المهدر على يد الوزير ومن حوله وأقوى منه بتأثيرهم، ففي العشرين من سبتمبر الماضي نشرت في مقالي "كيف تضرب مشروعية حكم السيسي في مقتل"، رسالة الأستاذ حسين رمضان حسين، 46 سنة، أمين مكتبة بمدارس جمال عبد الناصر القومية بمصر الجديدة، الحاصل على براءة بحكم قضائي بات في 8 يونيو 2008 في واقعة اتهامه باختلاس 3 آلاف جنيه، وصدر حكم بعودته للعمل وصرف مستحقاته عن الفترة من 2002 إلى 2008، وحكم آخر في 20 فبراير 2013 في الدعوى رقم 1529 لسنة 13 ق بعودته وصرف مستحقاته وتعويضه ماديًا بمبلغ 30 ألفًا.
الأستاذ حسين رمضان راسلني بالأمس، بأن إدارة الفتوى والتشريع بالوزارة خاطبت المدرسة والمعاهد القومية لتنفيذ الأحكام الصادرة لصالحه، لكن المسئولين بالمدرسة والإدارة قالوا له "اخبط دماغك في الحيط وابقى خلي تأشيرة الوزير تنفعك.. هاتفضل عاطل ومش هاترجع الشغل ولا هاتاخد مليم من فلوسك.. وحكم التعويض تبله وتشرب ميته".
سيضطر الأستاذ حسين رمضان إلى مقاضاة الوزير والمسئولين وحبسهم بتهمة امتناع موظف عام عن تنفيذ حكم قضائي، ليتأكد معنا من حقيقة وجود من يريدون تحويل أنفسهم إلى "ملطشة"، أكثر من إصرارهم على ضرورة فهم مهامهم ومكانتهم وهيبة مناصبهم، هؤلاء نعجز عن وصفهم أو التعليق عليهم، فالضرب في الموتى حرام، ربما وصل بهم إدراكهم إلى حقيقة أنهم موتى الضمائر بالفعل.