رئيس التحرير
عصام كامل

تبوير شركة مصرية استصلحت مليون فدان


بالأمس اجتمع المهندس إبراهيم محلب بوزراء الري والزراعة والكهرباء والإسكان، لمناقشة تطورات خطة استصلاح مليون فدان، قبل عرض برامج الاستصلاح تفصيليًا وزمن التنفيذ نهاية الأسبوع، دون ذكر سيرة شركات القطاع العام التي أصبحت "سُبة" في حق الحكومة.

في الثاني والعشرين من يناير عام 2012 صدر قرار رئيس الوزراء كمال الجنزوري، رقم 106 لسنة 2012 بتأسيس الشركة القابضة لاستصلاح الأراضي وأبحاث المياه الجوفية، كشركة مساهمة مصرية، لتتبعها 6 شركات عامة لاستصلاح الأراضي، على أن يجري تصحيح مسار هذه الشركات المتعثرة وهياكلها التمويلية، كون وزير الزراعة مختصًا بتطبيق قانون قطاع الأعمال في شأنها.

وفي 19 يونيو 2012 صدر قرار وزير الزراعة رضا إسماعيل، رقم 933، بتكليف المهندس سعيد طه سلامة بأعمال رئيس مجلس إدارة الشركة القابضة لاستصلاح الأراضي لمدة 6 أشهر حتى الانتهاء من تشكيل الشركة والأجهزة المعاونة، وهو ما حدث بصدور قرار رئيس الوزراء كمال الجنزوري رقم 542 في 17 مايو 2012، وبناء على ما عرضه وزير الزراعة، بتشكيل الجمعية العامة للشركة القابضة، من 14 عضوًا مسئولًا، فيما تم تشكيل مجلس الإدارة واختيار رئيس للشركة في 30 مارس 2013 عقب إشهارها في الخامس من نفس الشهر، ورغم صدور قرار مجلس الوزراء في 22 أبريل 2013 بتشكيل مجموعة وزارية لبحث مشاكل القطاع العام وبينها الشركة القابضة، إلا أنها لم تنعقد إلا في الأول من ديسمبر.

اجتماع اللجنة برئاسة الوزير أيمن أبو حديد، شهد مناقشة المصاعب التي تواجهها الشركة القابضة، والحلول المطلوبة لمواجهتها، والإشارة إلى الجهات المنوط بها تنفيذ هذه الحلول، وكانت أبرز الصعوبات عدم القدرة على سداد مستحقات العاملين، وتعذر الاشتراك في مناقصات جديدة، وارتفاع مديونيات الشركات إلى 4.8 مليار جنيه للبنوك والتأمينات والضرائب والغير، وعدم إسناد أعمال حكومية بالأمر المباشر لها لتقوية موقفها، وعدم قدرتها على استكمال الأعمال المسندة إليها لتدني أسعار الإسناد، مع الإشارة إلى صندوق طوارئ وزارتي القوى العاملة والمالية، والتضامن ومجلس الوزراء، كجهات قادرة على حل أزمات الشركة القابضة فورًا، إلا أن إجراءات الحكومة على أرض الواقع لم تنجز شيئًا لعمالها.

بين هذه الشركات كمثال، شركة مساهمة البحيرة التي تأسست عام 1881 واستصلحت وحدها في مصر مليون فدان، بينها 500 ألف فدان منذ تأميمها عام 1961، وهى الشركة الأشهر بأدوارها وأعمالها في مشروعات قناة الشيخ زايد بتوشكي، ترعة الشيخ جابر بسيناء، ترعة الشيخ زايد من السويس لسيناء، مشروعات حواجز الأمواج، إنشاء محطات رفع المياه ومعالجة الصرف الصحي، بخلاف أعمال الطرق الإقليمية الكبري.

هذه الأعمال التي أنجزتها الشركة وأكثر، تمت بسواعد 4200 عامل، لا يتقاضون رواتبهم أو بدلات عن تعطلهم منذ قرابة العام، ودون نقلهم للعمل في قطاعات أخرى بالدولة أو إنشاء آلية لخروجهم إلى المعاش تضمن حقوقهم، رغم أن أقل قطعة أرض تمتلكها الشركة في أي بقعة بالجمهورية، تكفى لحل أزماتهم، في المقابل تجد موافقة مجلس الوزراء على صرف 140 مليون جنيه لعمال الغزل والنسيج، و100 مليون أخرى لعمال الحديد والصلب كمثال للتعامل مع أزمات عمال آخرين.

تخيلوا أن مشروعات حفر قناة السويس، واستصلاح مليون فدان، وغيرها من المشروعات القومية العملاقة، تجري عملية التسويق لها على أنقاض شركات استصلاح يملكها الشعب، تجري عملية تبويرها وتخريبها وتشريد عمالها على قدم وساق وفى صمت مريب.

لا تسألوا أين الثورة ولا الدستور، واسألوا عن الفلاحين والعمال أين مستقبلهم في ظل مخططات تستهدف إنهاء قدرتنا على زراعة غذائنا وصناعة أدواتنا وكسوتنا، وتحويلنا إلى "زبائن أغبياء" لبضائع ترانزيت خواجات حلفاء أصحاب العمولات على أراضينا.
الجريدة الرسمية