عندك واسطة في الداخلية.. ابنك المختطف يرجع!
لم أكن أتصور أن تأتى كلمات مقالى المنشور في التاسع والعشرين من يونيو الماضي بنتائج إيجابية، حينما كتبت عن اختفاء، أو بالأصح اختطاف، الطفل مؤمن إسلام قمبر، عمره ثلاث سنوات وثلاثة أشهر، من أمام منزل عائلته بقرية المصيلحة بالمنوفية، ظهر السبت 14 يونيو الماضي.
لحظة من فضلك.. فالنتيجة الإيجابية لم تكن عودة الطفل أو تعاون شرطة المنوفية مع أهله بالتأكيد، طالما اعتبرته متغيبًا وليس مختطفًا، ولكن في ظهور تحالف جديد لأهالي المخطوفين في صورة صفحة على موقع "فيس بوك" حملت عنوان "يلا بينا ندور على الطفل مؤمن إسلام قمبر"، وتضم 23 ألف عضو، بينهم أهالي مختطفين جدد وقدامى، قصرت الشرطة في التعامل مع بلاغاتهم عن ذويهم، فترصد على الصفحة آلام جماعية لهم مثل عبارة "يارب..انقطع الرجاء إلا منك يا حنان يا منان.. اللهم رد مؤمن وعبد الله وسلمى ويوسف وكل غائب..وحسبنا الله ونعم الوكيل".
القضية لم تعد ظاهرة أمن مجتمعى ترفض شرطة محافظة بعينها صونه، بل هي منهج تفكير تعتمده عقول أغلب القائمين على العمل داخل أجهزة الأمن للأسف.
وما يجعلنى قانعًا بكلماتى ما عشته داخل قسم شرطة الأميرية قبل رمضان الماضى بليلة واحدة، حينما حضرت قوة من المباحث إلى منزل جار، مدرس أزهرى، وألقت القبض عليه دون إبراز إذن قضائي، بتهمة اختطاف سيدة ظهر زوجها المبلغ فجرًا داخل القسم برفقة محام كبير "رئيس محكمة أمن دولة سابق ومنتشر فضائيًا ومرشح لمجلس النواب القادم"، ويا لها من تسهيلات تتجاوز القانون ارتكبها معاون المباحث خدمة للباشا، رغم غياب أي دليل على الواقعة ووجود خلافات عائلية في علاقة مصاهرة بين المدرس الضحية والشاكين، وبعدها بأيام ظهرت المختفية لتؤكد براءة المدرس وشقيقته من تهمة اختطافها، لكن بعد أن قامت الشرطة بـ"كارت إرهاب" لعائلة المدرس خدمة للباشا.
تعال نتابع موقفًا متكررًا بالتضاد في مكان آخر ومع قسم شرطة آخر، ففى الثامن والعشرين من أغسطس 2013، اختفى الشاب مصطفى مجدى محمود، 24 سنة، مقيم بشارع المول منطقة الدهار بالغردقة، بعد استئجاره سيارة من أحد المعارض للتنزه بها برفقة أصدقاء له، أحدهم كان ضامنًا له عند صاحب المعرض، والثانى جار له، أما الثالث فاختفى هو وزوجته من المدينة تمامًا عقب إهمال الشرطة البحث عن "مصطفى"، ورغم وضوح تناقض كلام الأصدقاء الثلاثة بشأن اختفاء صديقهم.
تقول رسالة "هاجر" شقيقة مصطفى، "مرة نجد رئيس المباحث ينصحنا بدفع فلوس السيارة وإيجارها اليومى لصاحب المعرض كى نضمن عودته، ومرة ينصحنا بلاش محضر وبلاش كلام عن وجود شبهة جنائية في اختفائه، وبعد أن استطعنا تحرير محضر نتهم فيه الثلاثة بالمسئولية عن اختفائه، قال أحدهم لصديقة شقيقي أن مصطفى لن يعود ثانية، وأنه مات، وقلنا الكلام ده في المحضر، وطبعًا الشرطة لم تفعل شيئًا".
وتابعت هاجر "نشرنا صورة مصطفى في جريدة الجمهورية، وبعدها بأيام اتصلت بنا بنت قالت إن مصطفى أرسل إلينا رسالة معها تؤكد سلامته، وكررت كلامًا غير مفهوم، ثم قالت لأمى نصًا، ابنك مات منذ اليوم الذي اختفى فيه، أصحابه شربوه حاجة ومات فيها وهما خايفين يقولولك"، بعدها اتهمت الأسرة أصحابه بقتله، وكالعادة لم تفعل الشرطة شيئًا، حتى إن رجال المباحث رفضوا طلبنا بمتابعة المكالمات الهاتفية الأخيرة بينه وبين أصحابه أو بيننا وبين الفتاة التي أبلغتنا بمصيره.
كم من الأعوام تنتظر والدة مصطفى مجدى، حتى يكلف وزير الداخلية نفسه ويرفع صوته ويملى على ضباطه القسم مجددًا بحماية أمن الوطن والمواطنين؟ وكم من السنوات ينتظر إسلام قمبر طفله "مؤمن" وهل سيعرف ملامحه إن تكررت مقابلتهم صدفة بأى إشارة مرور يتسول فيها المخطوفون تحت رعاية "أمنا الغولة"؟
أم أن هؤلاء وأولئك يحتاجون "باشا" كى تعنى الشرطة بمعاناتهم ويستشعر المنتمون إليها الحرج من حصولهم على رواتبهم من ضرائب يدفعها المواطنون؟