رئيس التحرير
عصام كامل

تنظيمات جهادية مصرية تضخ مقاتلين بالآلاف لـ"داعش"

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية

تتواتر التقارير في مصر، عن اعتقال أو ملاحقة عناصر يشتبه في علاقتهم بتنظيمات جهادية، وقيامهم بتجنيد شبان مصريين للالتحاق بمناطق القتال في سوريا والعراق.

فقد أعلنت وزارة الداخلية الأسبوع قبل أيام قليلة، عن إلقاء القبض على 6 متشددين، في محافظة بورسعيد الساحلية، لقيامهم بتجنيد شبان للقتال مع تنظيم "الدولة الإسلامية" في سوريا.

وكشف خبراء لـDW، أن هناك نحو 10 آلاف مصري يقاتلون في سوريا والعراق منهم نحو 1700 انضموا لتنظيم "الدولة الإسلامية"(داعش)، ورغم عدم اليقين بشأن هذه الأرقام خصوصا في ظل الشكوك بشأن محاولات نظام الرئيس عبد الفتاح السيسي الربط بين العمليات الإرهابية وحربه على جماعة الإخوان المسلمين، فإن المحللين يرون أن المؤشرات حول تزايد أعداد الشبان الذين يلتحقون بالقتال في سوريا والعراق تدفع للتساؤل حول حجم الظاهرة في مصر، والخلفيات الاجتماعية للشبان المصريين الذين ينضمون إلى "داعش"، وما إذا كانت هناك علاقة بين مجموعات جهادية مصرية وبين "الدولة الإسلامية".

واجهت نيابة أمن الدولة العليا المتهم الأول في قضية خلية "بورسعيد" محمد السيد الشهير بأبورقية، قائد الخلية، خلال التحقيقات بتسجيلات صوتية لثلاث مكالمات أجراها بعدد من أعضاء الخلية، حيث يتحدث في الأولى عن تسفير مجموعة تكفيرية مكونة من 19 عضوا بالخلية إلى سوريا، وفى المكالمة الثانية يتحدث عن وصول إعانة من قيادات التنظيم في سوريا، وفى المكالمة الثالثة يتحدث عن إعداد جوازات سفر لعدد من الأعضاء بغية تسفيرهم إلى تركيا.

كما واجهت النيابة المتهم بأوراق تنظيمية تحتوى على 33 اسما لأشخاص، قالت تحريات الأمن المصري إن المتهم الأول تولى تسفيرهم إلى سوريا، وأنه كان بصدد تسفير 19 جهاديا آخر، وأنه سافر إلى سوريا عن طريق تركيا مرتين للقاء قيادات في تنظيم "الدولة الإسلامية" هناك، كما أنه استأجر قطعة أرض في منطقة الجورة بسيناء، استخدمها في تدريب أعضاء التنظيم على فك وتركيب القنابل ورفع رسوم ومخططات للمنشآت العامة وأعمال القنص والتخفى والهروب من المراقبة والفنون القتالية، وطرق اقتحام المنشآت، مستعينا بخمسة عناصر كانوا أعضاء في أنصار بيت المقدس.

وانطلقت جماعة أنصار بيت المقدس من شمال سيناء، التي تنشط فيها بقوة، ونفذت عددا كبيرا من العمليات ضد الشرطة والجيش في مصر أدت إلى مقتل المئات، كان من أبرزها محاولة اغتيال وزير الداخلية، وتفجير مديريتي أمن القاهرة والمنصورة.

وقال الباحث في شئون الحركات الإسلامية، الدكتور ناجح إبراهيم، إن جماعة أنصار بيت المقدس هي أقرب الجماعات لفكر وأسلوب "داعش"، كما أنهم متماثلين في الفكر والطريقة ونفس الأهداف، فالتنظيمان يكفران الجيش و"الأحزاب وكذلك الإخوان وكل حركة إسلامية لها حزب سياسي لأنها تكفر بالديمقراطية وتكفر كل من يؤمن بها".

وأضاف براهيم، الذي كان قياديا سابقا في الجماعة الإسلامية التي تبنت نهج العنف ضد الدولة في الثمانينيات والتسعينيات قبل أن تجري مراجعاتها وتنبذ العنف، في تصريحات لـDW أنه "لولا الضربات الأمنية والتشديد الأمني المكثف لكانت تواصلت الجماعة مع داعش، وأعلنت أنها فرع لها في مصر".

وكانت جماعة أنصار بيت المقدس قد أصدرت الأسبوع الماضي فيديو يظهر ملثمين وهم يقطعون رءوس 3 مصريين بعد اعترافهم بالتجسس لصالح المخابرات الإسرائيلية، وذلك كتقليد لتنظيم "الدولة الإسلامية".

ونشرت الصفحة الرسمية للجماعة على "تويتر" الفيديو، يظهر فيها الرجال الثلاثة وهم "يعترفون" بتعاونهم مع إسرائيل، وبعد قتلهم من قبل رجال ملثمين، وضعت رءوسهم على ظهورهم، كما ظهر رجل رابع "يعترف" بأنه مخبر للجيش المصري ثم يتم ارداؤه قتيلا، فيما قال متحدث باسم الجماعة في الفيديو "ها هم أبناؤكم مستمرون في حصد جواسيس اليهود".

ويبدو أن جماعة "أنصار بيت المقدس" التي نشأت وتنشط في سيناء، تزداد تأثرا بتنظيم "الدولة الإسلامية" الذي يسيطر على مساحة كبيرة من العراق وسوريا، حيث تتضمن الفيديو كلمة لمتحدث باسم "الدولة الإسلامية"، وفي عيد الفطر الماضي دعا أبو أسامة المصري أحد قيادات الجماعة في خطبة العيد التي ألقاها في صحراء سيناء لتنظيم "الدولة الإسلامية".

ويؤكد الخبير الأمني العقيد خالد عكاشة، أنه لا توجد علاقة تنظيمية بين جماعة أنصار بيت المقدس وتنظيم "داعش" لكن مبايعات الجماعات المختلفة لداعش هي مجرد دعم معنوي من باب الاتفاق الفكري.

ويوضح عكاشة لـDW، أن "المصريين يعتبرون قواما أساسيا وغالبا في تنظيم الدولة الإسلامية "داعش"، حيث تقدر الأجهزة الأمنية أعداد المصرييين الذين يقاتلون في سوريا والعراق، ما بين 8 إلى 10 آلاف، وذلك بمتابعة الآلاف من الجهاديين القدامى والجدد الذين سافروا إلى تركيا، واتخذ بعضهم مسارات تمويهية كالذهاب إلى أوربا ثم تركيا ثم سوريا".

وأشار إلى أن معظم الذين سافروا كانوا في بدايات الأزمة السورية وكانوا في شكل مجموعات، حيث كان هناك اعتقاد بأن هذه المجموعات تستطيع محاربة الجيش السوري في فترة زمنية محددة لكن الموضوع طال فبدأت الدولة المصرية على غرار دول عربية أخرى، تمنع منذ عام التوجه لسوريا أو استقبال أي فرد عائد من القتال في سوريا".

أما ناجح إبراهيم فقال إن "أكثر الأعداد التي سافرت للقتال في سوريا ضد نظام بشار الأسد كان قبل انتخاب مرسي وفي عهد مرسي ازداد الأمر، بعدما قال "لبيك سوريا"، وكان هذا تحت عين وبصر الدولة وكانت الإعلانات في الشوارع، وكان الأمر لا يكلف الراغب في ذلك أكثر من 300 جنيها مصريا "32 يورو" والباقي يتحملها آخرون ويسافرون إلى سوريا عبر تركيا، وكان هنالك أشخاص يدفعون، لكن بعد 30 يوليو أصبحت الأعداد قليلة جدا، مشيرا إلى أن أعداد المصريين الذين يقاتلون في تنظيم داعش يقدر بنحو 1700 شخص".

وأضاف أن الحرب ضد تنظيم "داعش" هو نفس مسلسل الحرب على تنظيم القاعدة بعد حرب أمريكا مع الاتحاد السوفيتي، حيث إن تشجيع المصريين وغير المصريين للقتال في سوريا في بداية الأمر كان بإشراف من تركيا وأمريكا، لأنهم سيقاتلون نظام بشار وإيران وحزب الله بالوكالة عن هذه الدول.

وحول خلفيات الذين يسافرون للإلتحاق بمناطق القتال، يرى ناجح إبراهيم أن "معظمهم من مجموعات "حازمون"، أنصار القيادي والمحامي السلفي حازم صلاح أبو إسماعيل الذي كان يريد الترشح لرئاسة الجمهورية، فضلا عن الحملة التي أطلقتها الدعوة السلفية "أمة واحدة" لعدد من الشبان، وخاصة أعضاء الدعوة السلفية بالقاهرة، فضلا عن مجموعات كان يرسلها عاصم عبد الماجد –القيادي بالجماعة الإسلامية".

وكان أبو إسماعيل قد استقطب عددا كبيرا من الشباب المتحمس للدفاع عن الدين ومقاومة "الحاكم الظالم"، من مستويات اجتماعية مختلفة بمصر، وضمنهم عدد من أعضاء رابطة مشجعي نادي الزمالك "وايت نايتس" الذين أسسوا بعد ذلك حركة أحرار.

ويقول ناجح إبراهيم "الذين انضموا لداعش من المصريين من كل المستويات حتى المستويات الراقية، كما جذب حلم "الخلافة الإسلامية" عددا من الشباب، ومنهم الأطباء والمهندسون، خاصة أنه بعد ثورة 25 يناير ازدادت حماسة الشباب لجهاد الحكام أكثر من جهاد العدو، وهناك يلتحقون بدورات تدريبية يدرسون فيها فكر التكفير والتفجير والعنف، مشيرا إلى أن قلة ممن التحق بداعش من جماعة الإخوان لأن الجماعة لا تحبذ أن تغامر بشبابها".

ويتفق معه عكاشة قائلا: "الذين التحقوا بداعش من كل المستويات الاجتماعية يجمعهم فقط الإيمان بالهدف، لكن يمكننا أن نحدد أن المرحلة العمرية التي تلتحق بداعش من المصريين من 25 إلى 40 عاما".

هذا المحتوى من موقع شبكة ارم الإخبارية اضغط هنا لعرض الموضوع بالكامل

الجريدة الرسمية