رئيس التحرير
عصام كامل

«المنتصر يكتب التاريخ».. المناهج الدراسية تتجاهل الخارجين من السلطة.. تعليم «عبدالناصر» يتجاهل «نجيب» والأسرة العلوية.. مناهج «السادات» تظهره بطل حرب فلسطين.. و

الرئيس الراحل محمد
الرئيس الراحل محمد أنور السادات

ظهرت خلال الفترة الأخيرة الكثير من الشبهات ومواضع الجدل حول الكتب التاريخية، إلى حد انتقاد المناهج التعليمية التي تتحدث عن تاريخ مصر وفق مبدأ "المنتصر" ما يظهر في الكتب التاريخية المدرسية منذ ثورة 23 يوليو وحتى فيما قبلها والتي تجاهلت كل من هو خارج السلطة حتى وإن كانت له مواقف مؤثرة في الأحداث.



الأسرة العلوية
البداية كانت مع الكتب المدرسية بعد ثورة 23 يوليو وهي الكتب التي اعتمدت على تمجيد الثورة وأعضاء مجلس قيادتها باعتبارهم خلصوا مصر من حكم الملك "الفاسد المستبد" – كما روجت هذه الكتب - حيث تمت جميع مظاهر محاولات بناء مصر الحديثة على يد أفراد الأسرة العلوية، فتجاهلت الكتب دور كل من الخديو إسماعيل والخديو توفيق في نهضة مصر وجعلها أشبه بباريس كما كانوا يتمنون.

إلا أن كتب التاريخ المدرسي اعتمدت على رسم صورة السفه وإنفاق الأموال على المظاهر والشهوات لدرجة إيقاع مصر في خطر تراكم الديون الخارجية، كما اهتمت هذه الكتب بإظهار أن الدور الوطني لم يبدأ إلا من بداية الثورة فيما تجاهلت الدور الوطني لعدد كبير من الشخصيات أمثال سعد زغلول ومصطفى النحاس وغيرهما من الزعماء الذين ذكرت أسماؤهم على استحياء في كتب التاريخ التي تدرس للتلاميذ والطلاب.

فيما كان الملك فاروق، آخر ملوك مصر، هو أبرز "المظلومين" في كتب التاريخ حيث عملت الكتب المدرسية فيما بعد الثورة على إظهاره بصورة الملك الفاسد المخمور متعدد العلاقات النسائية والعميل للاحتلال البريطاني في كثير من الأوقات، كما تم تصويره وكأنه الحاكم الذي عانى المصريون بسبب فساده من الجهل والفقر والتخلف.

محمد نجيب
واستمرت الكتب الدراسية في مرحلة ما بعد ثورة يوليو في عملية تشويه التاريخ؛ فتولى الرئيس جمال عبد الناصر الحكم بعد خلاف مع محمد نجيب أول رئيس للجمهورية، الأمر الذي انعكس بالفعل على كتب التاريخ والتي تحدثت في سطور قليلة وعابرة عنه دون ذكر دوره في نجاح ثورة يوليو أو ذكر المخاطرة التي قام بها حينما وقف ضد قادته - باعتباره الأعلى رتبة والأكثر شعبية في أوساط الضباط - وعرض حياته للخطر في حالة فشل الثورة.


بطولات السادات
وعلى طريقة عبد الناصر سارت الكتب التاريخية المدرسية في عهد الرئيس السادات والذي قالت عنه الكتب إنه أحد أبطال حرب فلسطين 1948 وإن له العديد من البطولات أثناء هذه الحرب على الرغم من أن السادات لم يشارك أساسا في الحرب.

حرب أكتوبر
أما حرب أكتوبر 1973 فقد كانت أكثر الأحداث التاريخية التي تم تزويرها بالكتب المدرسية أثناء حكم الرئيس الأسبق مبارك حيث عمدت مناهج التاريخ إلى أهمية إظهار الضربة الجوية التي كان يقودها مبارك – في هذا الوقت - وتصوير أنها السبب الأول للنصر الذي ما كان أن يتم لولا الضربة الجوية الأولى.

وفي نفس السياق فقد تجاهلت مناهج التاريخ في زمن مبارك أدوار الكثيرين من أبطال الحرب ومنهم الفريق سعد الدين الشاذلي، رئيس أركان حرب القوات المسلحة في وقت الحرب، والمشير عبد الغني الجمسي رئيس هيئة عمليات القوات المسلحة، في وقت الحرب، والفريق عبد المنعم رياض الذي أشرف على خطة تدمير خط بارليف قبل أن يقتل على الجبهة وسط جنوده قبيل حرب أكتوبر.

إنجازات مبارك
كما اهتمت الكتب المدرسية في عهد مبارك بكتابة فصول كاملة عن إنجازات غير حقيقية له وبخاصة في المجال الاجتماعي وهو الأمر الذي لم يكن له مبرر إلا المبالغة والمجاملات خاصة وأن كتب التاريخ حوت في كثير منها على ما يخص أعمال زوجة الرئيس سوزان مبارك والتي أظهرتها المناهج التعليمية على أنها رائدة العمل الاجتماعي في مصر وبخاصة في مجال الاهتمام بالأطفال الأمر الذي ظهر في احتلال صورها مساحات ليست بالقليلة في الكتب المدرسية.

ثورة 25 يناير
وعلى نفس قاعدة "المنتصر يكتب التاريخ"، ففي أعقاب ثورة 25 يناير والإطاحة بحكم الرئيس مبارك عدلت وزارة التربية والتعليم مناهج التاريخ حيث تم إلغاء الفصل الخاص بإنجازات الرئيس الأسبق ووضع الضربة الجوية التي قام بها في الحرب في حجمها الطبيعي كما تم إلغاء إنجازات زوجته فيما تم إضافة وحدتين عن ثورة يناير ذكرت فيها حركات الإسلام السياسي ومنها جماعة الإخوان الإرهابية باعتبارها وصلت إلى سدة الحكم برئاسة المعزول محمد مرسي لمصر.

ثورة 30 يونيو
ومؤخرًا، استمرت نفس قواعد كتابة التاريخ المدرسي بإنصاف المنتصرين، حيث تم إضافة أسماء بعض مؤسسي حركة تمرد إلى كتب التاريخ باعتبار أنهم كانوا أبرز من دعا إلى الثورة على الرئيس الإخواني محمد مرسي بعدما قاموا بجمع استمارات سحب الثقة منه.


الجريدة الرسمية