تقرير الأمم المتحدة الخاص بحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية: لا يمكن قبول ادعاء إسرائيل أنها تدافع عن نفسها ضد سكان يعيشون تحت الحصار.. لا يوجد طفل واحد في غزة لم يتضرر من الحرب.. ويجب المساءلة
أعرب اليوم، المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بحالة حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967 "مكارم ويبيسونو" عن عميق انزعاجه إزاء الخسائر الفادحة التي تكبدها المدنيون الفلسطينيون وخاصة الأطفال في غزة نتيجة العملية العسكرية الإسرائيلية التي استمرت 50 يوما، من 7 يوليو - 26 أغسطس من هذه السنة.
وقد أدت العملية الإسرائيلية الأخيرة في غزة لقتل 1479 مدنيا فلسطينيًا من بينهم 506 أطفال، إضافة لعدد كبير من الجرحى المدنيين الفلسطينيين بلغ 11.231 من بينهم 3436 طفلا يعاني العديد منهم الآن من إعاقات ستلازمهم مدى الحياة، ويعيش عشرات الآلاف من الأطفال صدمات نفسية بسبب ما شاهدوه بأم أعينهم من قتل مروع لأفراد أسرهم وأصدقائهم وجيرانهم.
تساؤلات
وقال ويبيسونو، في ختام مهمته في المنطقة: "إن ذلك يطرح تساؤلات خطيرة بشأن انتهاكات إسرائيل المحتملة للقانون الدولي الإنساني ولقانون حقوق الإنسان".
وكان المقرر الخاص للأمم المتحدة من المقرر أن يجري مؤتمرًا صحفيًا، الأحد الماضي، بالقاهرة، إلا أنه تم إلغاؤه دون إبداء أي أسباب، فيما أصدر بيانًا من العاصمة جنيف، عممه مكتب الأمم المتحدة في القاهرة.
وأضاف ويبيسونو: "لا يمكن الدفاع عن ادعاء إسرائيل بالدفاع عن النفس ضد سكان يعيشون تحت احتلال وتحت حصار غير قانوني بموجب القانون الدولي". وأضاف: "في مجتمع يبلغ سكانه 1.8 مليون نسمة أكثر من نصفهم دون سن 18 سنة، يمثل ذلك مأساة حقيقية ستشعر بها الأجيال القادمة".
تضرر الأطفال
ولاحظ المقرر الخاص أنه لا يوجد طفل واحد في غزة لم يتضرر من النزاع. فالأطفال يعانون الآن من التبول اللاإرادي، ومن صعوبة النوم والكوابيس وفقدان الشهية، فيما تشهد المدارس المزيد من السلوك العدواني لدى التلاميذ.
في الوقت ذاته، يقدر عدد الذخائر غير المتفجرة في أنحاء قطاع غزة بـ7 آلاف تمثل تهديدًا خطيرا ومتواصلا لسكان غزة بما فيهم الأطفال.
المدارس
وقد تسببت 50 يوما من القصف المتواصل في تضرر 228 مدرسة من بينها 26 دمرت تمامًا أو تضررت بشكل غير قابل للإصلاح. وتعمل الآن 87 مدرسة بنظام الحصتين. وقد تم إبلاغ المقرر الخاص بأن الأطفال الذين حالفهم حظ العودة للمدارس تمكنوا من الحصول على دعم نفسي مؤقت إلا أن غيرهم من الأطفال وخاصة أولئك الذين فقدوا والديهم سيحتاجون لدعم ومشورة من حرفيين مهرة على المدى الطويل.
النازحون
ولا يزال ما يقدر بنحو 60 ألف مدني نازح في 19 ملجأ في جميع أنحاء قطاع غزة. ومع اقتراب فصل الشتاء تتأكد الحاجة لإعادة الإعمار بشكل سريع، وأيضا الحاجة الملحة للإسكان المؤقت لإعادة الأمل والكرامة للشعب الفلسطيني في غزة.
الأدوية
في تلك الأثناء، أفاد العاملون في قطاع الصحة في غزة أيضًا، وجود نقص حاد في الأدوية والمعدات، وأعرب الأطباء عن الشعور بالإحباط بسبب نقص الكهرباء خاصة مع تحميل مولدات الكهرباء المنقولة أعباءً تفوق قدرتها.
الحصار
وقال ويبيسونو: "يجب على إسرائيل أن ترفع فورا الحصار البري والبحري والجوي المفروض على غزة منذ 7 سنوات، وأن تسمح - على وجه السرعة - بدخول المواد اللازمة لإعادة الإعمار والانتعاش".
استخدام القوة
وأثار المقرر الخاص أيضا مخاوف جدية إزاء الوضع المتدهور لحقوق الإنسان في الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، بخصوص الاستخدام المفرط للقوة من قبل قوات الأمن الإسرائيلية في سياق المظاهرات والاشتباكات خلال الأشهر الأخيرة.
وحث ويبيسونو إسرائيل على الامتثال للمبادئ الأساسية بشأن استخدام القوة والأسلحة النارية، ملاحظًا أنه خلال الفترة من 12 يونيو إلى 31 أغسطس من عام 2014، قتل 27 فلسطينيًا من بينهم 5 أطفال. وكان أصغر هؤلاء الضحايا دون سن 11 سنة.
وقال الخبير الأممي: "لا يمكن تبرير استعمال الرصاص الحي ضد الفلسطينيين - حتى لما يقذفون بالحجارة".
التهجير
وبخصوص الخطر الوشيك للخطط الست بصدد الموافقة والتي ستتسبب في التهجير والطرد القسريين للآلاف من البدو والرعاة من محيط القدس الشرقية وغور الأردن وأيضا في هدم منازل ومدارس البدو، قال المقرر الأممي إن هذه الممارسات ستمثل انتهاكًا للقانون الدولي الإنساني ولقانون حقوق الإنسان ويجب أن تتوقف فورا، إذ لا يمكن نقل أي أحد دون إرادته.
وقال: "إن المجتمعات المتأثرة عارضت هذه الخطط، وهي ترغب في البقاء في موقعها الحالي"، داعيًا أيضا للتخطيط الملائم ولضمان نفاذ هذه المجتمعات البدوية إلى البنية التحتية العمومية.
وإذا ما تم تنفيذ هذه الخطط فإنها ستؤدي للمزيد من عزل القدس الشرقية عن باقي الضفة الغربية وتعطيل التواصل الجغرافي لفلسطين المحتلة وتمهد الطريق لمزيد من توسيع المستوطنات الإسرائيلية والجدار.
المحاسبة
ولاحظ ويبيسونو أن الأصوات توحدت عبر كافة الأراضي الفلسطينية المحتلة داعية لتحقيق ثلاثة مطالب، هي: الحاجة للمساءلة وإنهاء الحصار وإنهاء الاحتلال.
وقال: "إن المسئولين عن انتهاكات القانون الدولي يجب أن يقدموا إلى العدالة من أجل تجنب جولة أخرى من العنف المميت في المستقبل القريب".
وخلال مهمته التقى المقرر الخاص للأمم المتحدة مع مسئولين فلسطينيين وممثلين عن المجتمع المدني والضحايا في عمان والقاهرة وفي غزة - عن بعد بواسطة الفيديو- بما أن إسرائيل رفضت السماح له بدخول الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وفي عمان زار خبير الأمم المتحدة مصابي قطاع غزة الذين يتلقون العلاج في مستشفى الملك حسين، وكانت من بينهم الطفلة منار، من بيت حانون ذات الـ14 سنة، والتي فقدت كلتا ساقيها، وهي تعاني من جروح وإصابات داخلية بسبب شظايا جراء القصف الإسرائيلي لمدرسة تابعة للأونروا. وفي نفس الهجوم فقدت منار أيضا أمها وثلاثة أشقاء.
وسيقدم المقرر الخاص تقريرا كاملا عن نتائج مهمته وتوصياته للدورة 28 لمجلس حقوق الإنسان في مارس 2015.