حيرة ريم ماجد
سبب الحيرة أنها كإعلامية محترمة حاولت الاستعانة برأى أكثر تسامحاً، أو للدقة فتوى تنتصر لحقوق الناس، ولكنه خذلها وقال كلاماً يقبل القسمة على واحد واثنين وعشرة، ويميل قليلاً إلى تحريم العصيان المدنى واتهامه بأنه إفساد فى الأرض.
سبب هذا الجدل، هو فتوى أصدرها وزير الأوقاف تحرم العصيان المدنى، بل تحرم أى شكل من أشكال الاحتجاج ضد الرئيس مرسى والتنظيم السرى للإخوان، واستضافت ريم المتحدث الإعلامى باسم وزارة الأوقاف فأكد كلام الوزير، وزاد عليه بتأكيد التحريم الذى كان تلميحاً فى فتوى الوزير، وقال: إن العصيان المدنى كان حلالاً لأنه ضد مبارك، أم الآن فهو حرام لأنه ضد مرسى وضد الاستقرار، واستضافت ريم الدكتور عبد الله النجار حتى يكون هناك توازن، ولكنه مال إلى ذات الرأى.
فهل معنى هذا أن الدين الإسلامى يحرم العصيان المدنى؟
بالطبع لا، لكن الدين حّمال أوجه، فأبو إسلام ومعه شيوخ آخرون من ذات الاتجاه يبيحون قتل المحتجين ضد مرسى، والسلفيون على سبيل المثال كانوا قبل الثورة يحرمون الخروج على الحاكم لأى سبب، فالفتنة التى سوف يسببها هذا الخروج أكثر بكثير من أضرار بقاء الحاكم الدكتاتور، وها أنت تراهم الآن ينعمون بمكاسب الخروج على الحاكم ( مبارك فى ثورة يناير) ويتصدرون المشهد السياسى.
مثال آخر، مرشد الإخوان الأسبق مصطفى مشهور، حرم التحاق المسيحيين المصريين بالجيش، وطالب بفرض جزية عليهم، فى حين أن شخصيات مثل الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح الذى كان عضواً بارزاً فى مكتب الإرشاد يؤمن بالمساواة المطلقة بين كل المصريين، بل ويرى أن الإلحاد حق، كما قال لى فى حوار منذ عدة سنوات، وهو فى كل هذا يستند إلى أسانيد شرعية، فى حين أن التنظيم السرى للإخوان أعلن أنه ضد أن يترشح المسيحى لرئاسة الجمهورية، لأن هذا مخالف للشرع.
إذن نصدق من؟
لا نصدق هذا ولا ذاك، فالحقوق يجب أساساً ألا تستند إلى خلفية دينية ( فهم مختلفون)، ولكنها تستند إلى ما استقرت عليه البشرية، وهو ما يطلق عليه حقوق الإنسان، وهى مبادئ واضحة وحاسمة وليس فيها تأويل، وكتبت مراراً وما زلت أؤكد أن هذه هى الأرضية الصلبة التى يجب أن نبنى عليها الدولة المصرية، فهى تكفل أن يتساوى المصريون فى الحقوق والواجبات بدون منحة من هذا أو ذاك، وبدون فتوى من هذا أو ذاك.