حلمك يا بابا
البداية دائما تكون سعيدة، تذكروا معي ذلك اليوم السعيد، يوم أن بشرتم بعبارة: "مبروك بنت زي القمر" أو:"ولد يتربى في عزك" اليوم أصبحت أبا وأصبحتِ أما، حيث رسمتم في مخيلتكم مستقبلا مملوءا بأمل أن ينشأ مولودكم حاملا أجمل الصفات، محققا نجاحا براقا في حياته، نعم الكل يتمنى لكن التمني وحده لا يكفي، فما أسهل أن ترسم بخيالك الكثير، لكن تحقيق الأمنيات يحتاج منا بذل الكثير.
تحدثنا عن الأمنيات فهيا بنا إلى أرض الواقع، في الواقع كثيرا ما تقابلني صور غير تلك التي كنا نتحدث عنها، يقابلني أب عائدا لتوه من عمله وقد نفد صبره، ما لي أراه وقد ترك حلمه جانبا، ينهر أبناءه إذا انزعج من لعبهم وشقاوتهم، يصفهم بكم من الصفات السلبية المدمرة للملكات، قد يضربهم إذا لم ينفذوا الأوامر من سُكات، انتبه أيها الأب فأنت تقتل حلمك بيدك!.
أما أنتِ أيتها الأم الحنون، يا من تحملت عناء الحمل وآلام المخاض، سهرت الليالي وبذلت الكثير، فعجبا أن أراكي اليوم تصرخين ليل نهار في وجه صغارك الضعفاء تعنفينهم تارة وتهددينهم تارة أخرى؛ فيتحولون إلى شخصيات مشوهة مهزوزة ضعيفة! خلي بالك يا ماما دول بشر مش آلات.
أرجوكم توقفوا على الفور عن هدم أولادكم ولنعد لحلم البناء، فإذا أردتم حقا تعديل سلوك أبنائكم فلتبدأوا في تعديل سلوككم أولا، ببساطة تخلوا أولا عن التصرفات السلبية تجاههم مثل: الضرب، التهديد، التخويف، المعايرة، التهكم، الإهانة، اتركوا كل كلام أو تصرف سلبي، ولنستبدله بكل إيجابي، كأن نمدحهم أمام الناس ونصفهم بأرقى الصفات، نغدق عليهم بفيض من المشاعر والحب والحنان، نمنحهم الثقة في أنفسهم، ننمي ملكاتهم، نرفق بهم.
قد يصحو الضمير ويلوم الآباء أنفسهم على تقصيرهم في حق أبنائهم، وينوون التغيير ويبدأون، لكن تعود ريما لعدتها القديمة، ويعود الأهل للطريقة الأسهل والأسرع في قمع الأبناء، مبررين لأنفسهم فشلهم كي يريحوا ضمائرهم بعبارات بالية مثل: "مينفعش معاه غير الشدة، ده ميجيش غير بالضرب، اكسر للبنت ضلع، مفيش فايدة".
والله يا ناس فيه ستين فايدة لكن انتبهوا لأشياء ستساعدكم في الوصول لهدفكم:- ضعوا قوانين جديدة للأسرة مع أولادكم، اعرضوها عليهم ببساطة في اجتماع لطيف معهم، واعلموا أن تعديل السلوك يحتاج لوقت طويل نوعا ما، ولابد من الثبات على المبدأ التربوي، وتذكروا أنهم ليسوا حقلا للتجارب.
علقوا لافتات على حوائط البيت تشتركون في رسمها مع أولادكم تكون معبرة عن سعادة أسرية، الهدف منها أن تتذكروا حلمكم في بناء شخصيات متميزة، وتساعدكم على الالتزام بقواعد التربية الإيجابية حتى تحققوا حلمكم، ولا تنسوا أن أبناءكم نتاج تربيتكم.