رئيس التحرير
عصام كامل

آن الأوان ..رد الجميل لمصر


جرى اختيار أعضاء المجلس الاستشاري من العلماء بدقة متناهية، فهم ممن أثروا البشرية بمنجزاتهم وأفكارهم العلمية، وهم أصحاب سير ذاتية تنطق بنجاحات ملموسة في الخارج، وقد آن الأوان أن يردوا لأمهم مصر بعضًا مما أعطتهم حين تعلموا على أرضها، ونبتوا على أرضها وتحت سمائها.

إن مصر في حاجة لعلمائها الأفذاذ كما هي بحاجة إلى جهود كل أبنائها المخلصين في الداخل والخارج، ولعل استقبال الرئيس لأعضاء المجلس الاستشاري بعد تأسيسه بداية طيبة تضع مصر ومشاكلها على طريق الحل السليم ليس بأهل الخبرة والمحسوبية ولكن بعلماء مشهود لهم بالكفاءة والنجاح والإخلاص.. وهو ما يعني أن ملفات مهمة كالتعليم والبحث العلمي والمياه والطاقة والسكان في طريقها للحل، ما يعني أيضًا أن مصر ماضية في طريقها نحو القضاء على الأمية والفقر والتخلف العلمي.

يضم المجلس علماء حصل بعضهم على جائزة نوبل مثل د. أحمد زويل الذي أبدى خلال المؤتمر الاقتصادي الذي نظمته أخبار اليوم اهتمامًا بقضايا مصر وخصوصًا التعليم مستقبل هذا البلد ومفتاح تقدمه، فلا يوجد بلد في العالم تقدم دون تعليم متميز وبحث علمي متقدم.. وليست الهند والصين وماليزيا وكوريا وغيرها عنا ببعيد !

وثمة تجارب عالمية ناجحة حققت نهضتها الكبرى في عقد أو عقدين وانطلقت إلى آفاق رحبة مثلما فعلت البرازيل التي عانت أكثر مما عانينا.. مما يجعل الأمل قريبًا.

نحن في حاجة لتغيير شامل وليس لمجرد ترقيع، في حاجة لرؤية ومنظومة متكاملة للإصلاح الذي ينبغي أن يكون شاملًا ومتكاملًا، ينبني على قاعدة علمية تكنولوجية متميزة.. يستوي في ذلك مصر والدول العربية التي تذهب التقديرات إلى أن البترول سوف ينضب خلال 50 عامًا، ما يعني ضرورة البحث عن موارد بديلة للطاقة الناضبة لتأمين احتياجات الأجيال القادمة، فالحديث عن المستقبل لم يعد من باب الرفاهية بل من اشتراطات البقاء والوجود.. 

فكيف يمكن أن ننطلق للمستقبل ونحن على هذه الحال من التردي في التعليم والصحة والبنية الأساسية وموارد الطاقة والغذاء والمياه.. ومن يمكنه أن يعاون الرئيس للخروج من هذا النفق المظلم.. من بإمكانه تحقيق المعادلة الصعبة؛ توفير الاحتياجات، وتنمية البشر والحجر، واستعادة الدور المصري المفقود في المنطقة، الدور الحضاري المنشود.. هل تبحر السفينة بأدواتها ومنظومتها القديمة أم لابد من تغيير جوهري يرسم حدوده ومعالمه وأهدافه علماء مخلصون لا غاية لهم إلا تقدم مصر ورفعتها، يعملون تطوعًا بفائض علمهم ووقتهم، ويسدون خالص مشورتهم لإصلاح ملفات متعثرة.

آن الأوان لإفساح المجال للعلماء والشباب والخروج من الصندوق القديم والوادي الضيق وتنمية وتشجيع روح الابتكار والإبداع لدى شبابنا وصغارنا حتى يدخلوا إلى المستقبل أقوياء مسلحين بالعلم والوعى والتكنولوجيا والحلول المبتكرة..آن الأوان أن يتقدم أهل العلم والخبرة وأن يتراجع أهل الثقة والحظوة..آن الأوان لمصر أن تسترد خيرة عقولها المهاجرة ليشاركوا في مهمة وطنية عاجلة لإنقاذ الوطن..
الجريدة الرسمية