رئيس التحرير
عصام كامل

وا إميـلاه


وا إميلاه، فقد اخترقوا بريدى الإلكترونى، فى غفلة منى، واستخدموه باسمى، فيا فضيحتاه.
ولا يشعر المرء بقيمة ما فى يده، إلا عندما تنتزعه الأقدار منه، ويتضاعف المصاب، عندما يكون الانتزاع مفاجئا، حينئذ..لا يملك أحدنا إلا أن يتمتم :"حسبى الله ونعم الوكيل".


لم أسمع نصائح أصدقائى من قبل، بإنشاء بريد إلكترونى على gmail أو yahoo، مبررا موقفى الذى اكتشفتُ سذاجته لاحقا، بأن بينى وبين بريدى الإلكترونى، الذى أنشأته منذ عدة سنوات، على hotmail، عشرة قديمة، فلا ينبغى أن ينطبق عليه، ما ينطبق على النساء "مثنى وثلاث.."، ولكن وقع الخطب الجلل، وفقدتُ بريدى الإلكترونى غدرا وغيلة، وباءت جميع محاولات استعادته بالفشل الذريع، فذهبت صاغرا إلى gmail، أستعطفه لإنشاء بريد إلكترونى عليه، فتمنع فى البداية، ولكنه وافق بعد وساطة.

لم أحزن على فقد بريدى الإلكترونى القديم، قدر حزنى على الطريقة التى استخدمها به سارقه، فقد وجّه من خلاله رسائل غير لائقة، إلى أناس أعتز بهم وأحترمهم، وتربطنى بهم روابط من الود والمحبة، وتأثر بعضهم بتلك الرسائل، وقاطعونى، قبل أن أقسم لهم بالله جهد أيمانى براءتى من هذه التهمة، براءة الدكتور محمد مرسى وجماعته، من فضيلة الحكم الرشيد والعادل.

وقد يسأل سائل: وما الذى أقحم جماعة الإخوان فى هذا الأمر؟

والإجابة: أن لجان الجماعة وميليشياتها الإلكترونية المأجورة، وسعت نشاطها فى الفترة الأخيرة، بعد نجاحها الساحق فى الشتم والسب والقذف، بأن خصصت عناصر منها لاختراق البريد الإلكترونى، والسطو عليه، وتوظيفه بالأسلوب الذى ذكرته آنفا.

ولأنهم جماعة يتمسحون بالإسلام، فسوف أذكرهم بفتوى شرعية صدرت فى شأن "اختراق البريد الإلكترونى"، جاء فيها:

حرَّمت الشريعة الإسلامية المطهرة العدوان على خصوصيات الآخرين، وجاء الوعيد الشديد فى المتعدى على حرمات المسلمين، ومن ذلك : تحريم التجسس، وتحريم النظر من عقب الدار، وتحريم سماع مكالمات أو حديث الناس دون إذنهم، وقد سبق الإسلام بهذا دعاوى كثيرين ممن يزعمون أنهم راعوا خصوصيات الناس.

والبريد الإلكترونى هو من خصوصيات الإنسان، فمنه يرسل ويستقبل رسائل تتعلق بالأسرة، والعمل، وسحب المال، وغير ذلك، وهذا يجعل اختراق البريد الخاص بالشخص من المحرمات، ولا يحل لأحدٍ فعل ذلك ابتداءً، حتى مع الكفار.

ونصت الفتوى على أنه لا يجوز سرقة البريد الإلكترونى لهواً، وعبثاً، ومزحاً، مستدلة بحديث السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ، رضى الله عنه، أنَّه سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "لاَ يَأْخُذَنَّ أَحَدُكُمْ مَتَاعَ أَخِيهِ لاَعِبًا وَلاَ جَادًّا ، فَمَنْ أَخَذَ عَصَا أَخِيهِ فَلْيَرُدَّهَا إِلَيْهِ". ومن أعظم حكَم هذا التحريم: هو عدم ترويع صاحب الشيء المأخوذ.

فعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِى لَيْلَى قَالَ : حَدَّثَنَا أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُمْ كَانُوا يَسِيرُونَ مَعَ رَسُولِ اللهِ، صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِى مَسِيرٍ ، فَنَامَ رَجُلٌ مِنْهُمْ، فَانْطَلَقَ بَعْضُهُمْ إِلَى نبْلٍ مَعَهُ، فَأَخَذَهَا، فَلَمَّا اسْتَيْقَظَ الرَّجُلُ فَزِعَ ، فَضَحِكَ الْقَوْمُ ، فَقَالَ : مَا يُضْحِكُكُمْ ؟ ، فَقَالُوا : لا، إلا أَنَّا أَخَذْنَا نبْلَ هَذَا فَفَزِعَ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "لا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يُرَوِّعَ مُسْلِمًا".

وعندما أباحت الفتوى الاستيلاء على بريد من عُرف عنه التعدى على الناس، وعلى خصوصياتهم، وابتزازهم، والتعدى عليهم وظلمهم، اشترطت أن يُجزم بعدوان صاحب البريد المسروق وتعديه على المسلمين، وأن تتلف الرسائل وموادها مباشرة دون النظر إليها، أو حفظها...ولكن من يسمع ويقرأ من أولئك المتأسلمين المأجورين، ومن ثم فلا وسيلة لى إلا الصراخ كما الثكالى: واميلاه!

الجريدة الرسمية