في بيتنا إرهابي
أصبح أمرًا طبيعيًا أن تسمع خبرًا عن أعمال إرهابية ترتكب هنا أو هناك، لكن الأمر غير الطبيعي وغير المتوقع هو أن تستيقظ إحدى الأسر يومًا على نبأ القبض على أحد أبنائها بتهمة قيامه بعملية إرهابية والانضمام لجماعة إرهابية، وقد يرون صورته ويسمعون اعترافاته بالحرق والتدمير من بين منفذي عملية إرهابية كانت ذات الأسرة تستنكرها، تلك صدمة ليس بعدها صدمة، يقسم الأب على أن ابنه بريء من هذه التهم اللعينة وتولول الأم "ابني ميعملش كده".. ياللحسرة غابت الأسرة وتخلت عن دورها الحقيقي في حياة الأبناء وأصبحت العلاقة بين الآباء والأبناء مادية نظرًا لانشغال الأهل بتلبية متطلبات الحياة.
انتبهوا فتلك الجماعات اللعينة تتربص بالشباب كونه فريسة سهلة، فيقع الشاب في مصيدة الإرهاب لأنه لم يجد من يرشده للطريق الصحيح.
أولادنا أمانة استأمننا الله سبحانه وتعالى عليها، لذلك يجب علينا أن ندرك أن اهتمامنا بأبنائنا لا ينبغي أبدًا أن يقتصر على تغذيتهم وعلاجهم وجمال مظهرهم فقط، فالأمر أبعد من ذلك وأعمق بكثير، ولابد من إعطاء الأولوية خلال رحلة تربيتنا لأبنائنا منذ الصغر للعقل والفكر والأخلاق، الأمر الذي لا يأتي ثماره إلا من خلال بناء شخصيات قوية ذات إرادة مستقلة تستطيع أن تقول لا وقت الخطر، فلا تجعلوا من أبنائكم مسوخًا منفذة لرغبات من يقودها، بل عودوهم على أن يقتنعوا بالفكرة قبل تنفيذها، وأن من حقهم التعبير عن آرائهم، ومناقشة الأفكار بمنتهى الحرية طالما بضوابط أخلاقية، لذلك على الأسرة أن تربي أبناءها بعيدًا عن منهج القمع والسيطرة بكل أدواته من: "التهديد والتخويف والضرب والإذلال".
كذلك ساعدوا أولادكم على الرجوع إليكم حال وقوعهم في الخطأ، أشعروهم بالأمان وخذوا بأيديهم كي يتعلموا من أخطائهم فيصبحوا أكثر قوة، ولا تفشوا أسرارهم أو تقابلوهم بالقسوة والتوبيخ والمعايرة فيبحثوا عن غيركم ويلجئوا إليه، خاصة في مرحلة المراهقة، حيث إنها أكثر مراحل التربية حساسية وأخطرها على الإطلاق، لكن بالحوار المستمر وبناء علاقة تواصل قوية مليئة بالثقة لن يسمح لغرباء متربصين بالنفاذ من خلالها مهما حاولوا فالحصن منيع، حيث العقول مستنيرة والأفكار راسخة والمبادئ واضحة.
فلنؤد الأمانة ولا ننس أن "كلنا راع وكلنا مسئول عن رعيته".