زواج ﻻ طلاق
ما أروع فضفضة الأصدقاء، فكم نحتاج في حياتنا إلى صديق مخلص أمين، ويا حبذا لو كان صاحب رأي سديد أيضًا، كي نفضفض معه ونستأنس بمشورته، لكننا مع الأسف الشديد قد لا نجده حيث أصبح عملة نادرة في هذه الأيام، كما أنه لمن دواعي السرور أن نجد أمًا حكيمة تنقل خبرة الزمن لبناتها قبيل زواجهن كي تنجحن في بناء أسرة سعيدة مستقرة، إﻻ أنني أقولها وكلي حسرة إنك قد تستغرق بعض الوقت كي تبحث في ذاكرتك عن إحداهن من بين الأمهات لتجدها فلا توفق.
وحدث أن جاءتني منذ أيام إحدى صديقاتي وكانت مهمومة وكأن الدنيا قد اسودت في عينيها، وحين سألتها عن سبب حزنها انهمرت في البكاء وقالت إن ابنتها تطلب الطلاق بعد شهرين من الزواج، حيث اكتشفت في زوجها عيوبًا لم تكن تعرفها من قبل، وللأسف تتكرر هذه المشكلة وتتفاقم حتى أصبحت وكأنها القاعدة العامة، وكأن الطلاق في السنة الأولى للزواج هو الأمر المؤكد!
والغالب أن سبب هذا هو أن فترة الخطوبة تنقضي دون أن تحقق أهدافها من تعارف وتوافق، حيث يتعامل الكثير من المخطوبين بطريقة خاطئة وسطحية نتيجة فهمهم القاصر ونظرتهم الضيقة فلا يدركون الهدف الرئيسى منها، فينشغلون بالمظاهر والشكليات ويتركون المضمون.
لهذا أصبح الإرشاد الأسري ضرورة ﻻ رفاهية، لكن مجتمعاتنا العربية ما زالت تغفل دوره في حياتنا، وﻻ أراني مبالغة إن قلت إن الإرشاد الأسري كفيل بضبط ومعالجة العديد من القضايا الاجتماعية والأسرية الشائكة، كما أنه في إمكانه تجنيب المجتمع من مشاكل كثيرة، ومن أهم ما يقدمه للفرد والمجتمع تأهيل المقبلين على الزواج، حيث يصحح المفاهيم وينير الطريق أمام المخطوبين، ويعتبر الإرشاد الأسري بمثابة مفتاح من مفاتيح الحياة للمقبلين على الزواج، فمن خلاله تتم توعية الشباب توعية سليمة تساعد كل طرف على تقييم الطرف الآخر وقراءة شخصيته وتحديد إيجابياتها وسلبياتها.
كما يقوم المرشد الأسري بتوضيح أهمية المصارحة خلال فترة الخطبة وما بعدها كونها تزرع الثقة بين الطرفين، لذلك أرى ضرورة أن يصبح مرور الخطيبين على خبراء الإرشاد الأسري من الإجراءات السابقة على توثيق عقد الزواج مثلها مثل الشهادات الطبية التي يستلزمها القانون.