رئيس التحرير
عصام كامل

خناقة أهل السيسي بالمنوفية على كوب ماء نظيف


أكثر من ثلاثة ملايين ونصف المليون نسمة بالمنوفية يعيشون داخل 10 مدن و9 مراكز على مساحة 2543 كيلومترًا، ينتسب إليهم رجال الحكم والدولة، ويتبرأ منهم هؤلاء وأولئك حتى صارت أمراض الفشل الكلوى والكبد تهتك بأجسادهم التي اشتكت من غسيلها الأجهزة الطبية، هؤلاء يعيشون في بيئة زراعية تأكل الخرسانات تربتها الخصبة منذ سنوات لحساب الحيتان وأصحاب النفوذ وقوى الفساد، لتحتل في العام 2003 المرتبة الحادية عشرة من حيث جودة الحياة والخدمات بين محافظات مصر.


المصائب تتجدد على أهالي محافظة الرؤساء والوزراء، حتى بعد صعود ابنهم المشير عبد الفتاح السيسي إلى الحكم عقب ثورتى أمل في إنقاذ شعب ووطن، لدرجة أن الأيام الماضية كادت تشهد حربًا أهلية بين أبناء قريتى كمشوش وفيشا الكبرى التابعتين لمركز منوف، بسبب خط مياه نيلية عذبة صالحة للشرب أو كما يسميها الفلاحون "مياه بحارى".

الكارثة أنقلها إليكم من رسالة الدكتور إسماعيل فليلة، طبيب بيطرى، وتشير إلى اعتراف تقارير معامل وزارة الصحة الشهرية منذ عام كامل، بعدم صلاحية مياه خزان أرتوازى قرية كمشوش للاستخدام الآدمى أو الشرب، لاحتوائها على ملوثات حديد ومنجنيز وبكتريا وطحالب، وشهدت القرية في سبتمبر 2011 مظاهرة للأهالي اضطرت معها الحكومة إلى تركيب خط مياه نيلية عذبة لتصل 8 آلاف مواطن بالقرية.

لكن الحال تغير بعد ثورة 30 يونيو ومعه تغيرت المياه وزادت الحالات المصابة بالحصوات والأمراض الكلوية وزاد عدد من يقومون بعمليات الغسيل الكلوى لتثبت تحاليل جديدة عدم صلاحيتها، ولم يتحرك المحافظ تجاه أوجاع الأهالي، الذين شكوا إليه قيام رئيس الشركة القابضة للمياه بالمنوفية بتحويل الخط "البحارى" من كمشوش إلى قرية فيشا الكبرى، مجاملة لصحفى على علاقة بحبيب العادلى، ليدعم محاولته لكسب أصوات أهالي فيشا الكبرى خلال انتخابات نيابية مرتقبة، مقابل تلميع رئيس الشركة على صفحات جريدته أمام المسئولين.

حديث الدكتور إسماعيل فليلة يشير إلى أن المحافظ أوقف بعد شكوى الأهالي للنيابة، تشغيل خط المياه العذبة إلى قرية فيشا الكبرى، وأبقى على عمل الخط مع نظيره الأرتوازى "المسبب للأزمات والأمراض" في خدمة القرية، ليعمل الأول من الساعة الثامنة مساءً حتى الخامسة صباحًا، ويتم تشغيل الخط الأرتوازى بالتبادل معه، رغم أن طاقة خط المياه العذبة تسمح بخدمة أهالي القرية لمدة 24 ساعة، وبالتالى يقف أهالي كمشوش موقف الحذر من تشغيل خط المياه العذبة الجديد لجيرانهم بقرية فيشا الكبرى والذي سيسحب الكثير من حصتهم بالضرورة.

تخيلوا حالة التأهب والتربص التي يحياها أهالي القريتين الآن بسبب خط مياه عذبة بقطر 8 بوصات لا تتجاوز تكلفته 400 ألف جنيه، يمكن أن ينقذ حياة أكثر من 33 ألف مواطن بالقريتين المتجاورتين، لكن معركة الحصول على كوب الماء النظيف في محافظة المنوفية دائمًا ما يديرها الكبار، فمحطة مياه منوف التي بُنيت في التسعينيات بميزانية المركز، خرج منها خط مياه عذبة ليخدم أهالي مركز الباجور وقراها زمن النائب كمال الشاذلى، رغم تمتع الباجور بمحطتى تحلية وتحقيقها فائض مياه عذبة، والكلام لأهالي قرى منوف، ومنها قرية صنصفط الشهيرة التي شهدت قبل عامين تسمم 400 من المياه الملوثة، دون تغير الحال بين أهلها الذين يعانون حياة أسوأ.

انتهت رسالة الدكتور إسماعيل فليلة وتبقى كلمة أخيرة، فالمنايفة لا يستحقون رئيسًا يخرج منهم ولا يعنى بمظلوميتهم، ولا محافظًا يهمل أو يتجاهل أزماتهم ويضعف أمام أصحاب السطوة والنفوذ، ولا وزيرًا يبحث عن تكريمه باستقبال حافل داخل حدودها أو الدفن في مقابرها، وعار على هؤلاء جميعًا أن تحضرنا الساعة التي نرى أهلها يتقاتلون على كوب ماء نظيف.

لا أنتظر تعقيبًا أو تعليقًا من المحافظ أو رئيس القابضة للمياه بالمنوفية على رسالة الدكتور إسماعيل الواردة بمقالى هذا، ولكننى أنتظر تحركًا عاجلًا من رئيس الوزراء المهندس إبراهيم محلب، لحل أزمة فيشا الكبرى وكمشوش قبل انفجارها، ومراجعة كافة مشروعات المياه والصرف بالمحافظة، والتي أشرف عليها وزير للإسكان، ونفذ أغلبها رئيس لشركة المقاولون العرب، ولن يقبل أحد بعد ثورتين تكرار نغمة "الرئيس لا يعلم.. أو.. بناء على توجيهات الرئيس"، كفاكم متاجرة بأوجاع البشر.
الجريدة الرسمية