رئيس التحرير
عصام كامل

بالأرقام.. البورصة المصرية «ثورة مضادة».. «الكبار» يستحوذون على أكثر من 50 % من التداولات.. والشركات الصغيرة تكتفي بشرف التواجد وخرجت «من المولد بلا حمص»

 البورصة المصرية
البورصة المصرية - صورة ارشيفية

يبدو أن الأوضاع بالبورصة لن تتغير بالرغم من قيام ثورتين وتغيير نظامين في أقل من ثلاث سنوات، حيث لا تزال شركات السمسرة العشرة الكبار يستحوذون على نصيب الأسد من قيم التداول.


ففي واحدة من أبرز الاختلالات الهيكلية بسوق المال في مصر، كشفت بيانات البورصة المصرية عن استحواذ العشرة الكبار بالسوق على نحو 50 % من إجمالى قيمة التداولات حتى نهاية أغسطس الماضى، فيما اكتفت باقى شركات السمسرة البالغ عددها 139 شركة بالفتات وخرجت "من المولد بلا حمص"، وتكرر الأمر ذاته مع العمليات المنفذة بسوق الصفقات، حيث استحوذ الخمسة الكبار على نحو 84 % من إجمالى قيمة التداولات، في حين غردت الشركات الصغيرة خارج السرب، قانعة بدور المتفرج، وخرجت خالية الوفاض في سوق بات يأكل فيه الكبير الصغير.

تجدر الإشارة إلى أن عدد شركات السمسرة في الأوراق المالية العاملة في مصر يبلغ 139 شركة، واقتصر عدد الشركات التي تخطت المليار جنيه خلال الثمانى أشهر الأولى من العام الجارى على 64 شركة فقط، فيما لم تنجح نحو 75 شركة في تخطى حاجز المليار جنيه.

وفي سوق الصفقات، فاستحوذ الخمسة الكبار على 80 % من إجمالى قيمة التداول حتى نهاية أغسطس الماضى، وتكرر الأمر ذاته بكل من في سوق داخل المقصورة (سوق الأوامر) وبورصة النيل للمشروعات الصغيرة والمتوسطة ولم تختلف الأحوال من سيطرة كبار بنوك الاستثمار في الاستحواذ على النصيب الأكبر من التداولات.

ومن جانبه أكد عونى عبد العزيز، رئيس شعبة الأوراق المالية بالاتحاد العام للغرف التجارية، أن سيطرة بنوك الاستثمار الكبرى في مصر على النصيب الأكبر من قيم التداول بالسوق ليس بالأمر الجديد، خاصة أن تلك الشركات تتسم بالملاءة المالية الكبيرة، مما يساعدها على جذب المزيد من العملاء، فضلًا عن امتلاكها فريق عمل على أعلى مستوى يتضمن محللين ماليين وفنيين ومديرين مخاطر ورقابة داخلية ومنفذين عمليات، فضلًا عن ممثلين ووكلاء خارج مصر لجذب مستثمرين أجانب، والتي تمثل نسبة كبيرة من تعاملات تلك الشركات.

وانتقد "عبد العزيز" ما وصفه عدم تطوير الشركات الصغيرة من أدائها، واكتفائها بالفتات من السوق، مطالبًا في الوقت ذاته بضرورة اندماج تلك الشركات في شركة قابضة تمكنها من منافسة الشركات الكبرى العاملة بالسوق.

رئيس شعبة الأوراق المالية ألمح إلى أن فكرة الاندماجات وإنشاء شركة قابضة لعدد من الشركات الصغيرة ومتوسطة الحجم تتسم بالعديد من المزايا يأتى في مقدمتها قوة التفاوض مع الجهات الرقابية بالسوق، والتي تضم كلا من الهيئة العامة للرقابة المالية، إدارة البورصة، شركة مصر للمقاصة والإيداع والقيد المركزى، وكذلك موردي خدمات الإنترنت وشاشة التداول مثل mist أو mubasher وبالتالي تخفيض تعريفة التعامل مع تلك الجهات.

وقال: "تكوين شركة قابضة تضم ممثلين في مجلس إدارة الشركة القابضة يؤدى إلى الاستفادة من الميزة النسبية بكل شركة من الشركات التابعة، وذلك لوضع الإستراتيجية الموحدة للشركة القابضة وكذا لكل من الشركات التابعة وتحديد أهداف كل منهم، مما يؤدى إلى تعظيم الربح واستمرارية النشاط".

وتابع: "في حالة زيادة رأس مال الشركة القابضة إلى أكثر من خمسين مليون جنيه، فإنها سيتم الاستفادة من تكوين شركة للحفظ والاستفادة من تعظيم الأرباح بدلا من الحفظ لدى شركات وبنوك أخرى، كما يؤدى تكوين شركة قابضة إلى قوة المنافسة في السوق والاستفادة من جميع الخدمات المتاحة، فضلًا عن الانتشار الجغرافي داخل مصر والدول العربية وتنوع الخدمات.

وشدد رئيس شعبة الأوراق المالية على أن اندماج شركات السمسرة الصغيرة العاملة في السوق يمكن أن يساهم في طرح أسهم الشركات في البورصة المصرية ومن الممكن الاستفادة من القيد لاحقا ببورصة النيل طالما لم يتعدى رأس المال 100 مليون جنيه، بالإضافة إلى قيام هذه الشركة القابضة بتأسيس أو الاستحواذ على أحد شركات إدارة الأصول (إدارة المحافظ – صناديق الاستثمار) بنفس طريقة استحواذها على شركات السمسرة.

وحول آلية تطبيق مقترح اندماج شركات السمسرة الصغيرة -وفقًا لـ"عبد العزيز"- فتتكون من عدد من المراحل أولها: البحث عن مجموعة من الشركات التي تعمل في مجال الأوراق المالية (سمسرة - وساطة – إدارة محافظ وصناديق استثمار)، وتقديم مقترح بخصوص تأسيس شركة قابضة تمتلك هذه المجموعة من الشركات عن طريق مبادلة أسهم مع كل من هذه الشركات "التابعة فيما بعد"، أما المرحلة الثالثة فهى التعاقد مع أحد مكاتب المحاسبة والمراجعة الرائدة للقيام بأعمال تقييم أسهم كل من هذه الشركات لتحديد قيمة مساهمتها في هذا الكيان القابض.

أما المرحلة الرابعة فتكون عند إتمام التقييم فيتم القيام بأعمال الـتأسيس والترخيص عن طريق أحد الجهات التي سيتم التعاقد معها لهذا الكيان بعد تعيين مجلس إدارة مكون من مساهمي الشركات الأصليين، مع تعيين عضو منتدب مستقل من الكوادر ذات الخبرات الواسعة في مجال الأوراق المالية مع استقدام أحد الشخصيات العامة لرئاسة مجلس الشركة، ضمانا للحيادية وتدعيما للصورة الذهنية للكيان القابض، ووضع الإستراتيجية الخاصة بهذا الكيان إضافة إلى إستراتيجيات كل من الشركات التابعة.

وأكد رئيس شعبة الأوراق المالية أن تكوين شركة قابضة يضمن تكوين مركز مالي قوى لهذا الكيان القابض وتسهيل إجراءات التمويل فيما بعد ذلك لأى من أذرعه الاستثمارية، كما يضمن مركزية الاختصاصات التي تحتاجها كل من الشركات التابعة مثل المراجعة والرقابة والحوكمة والبحوث وإدارة المخاطر، على أن يتم الإبقاء على إدارات كل شركة من الشركات التابعة، مما يؤدي في النهاية إلى رفع الحصة السوقية المجمعة لكل من هذه الشركات تحت مظلة هذا الكيان والذي سوف يدعم القيمة السوقية للأسهم، وكذلك سهولة رفع رأس المال بأى من الطرق الملائمة للكيان، بالإضافة إلى سهولة التخارج لأى من الشركات التابعة خلال فترة زمنية معينة يتم الاتفاق عليها عند التأسيس.

وحول اعتراضات مالكى الشركات الصغيرة لتأسيس شركة قابضة أكد رئيس شعبة الأوراق المالية أن اندماج شركات السمسرة الصغيرة يؤدي إلى تفتيت الملكية الخاصة بكل شركة مندمجة في هذا الكيان، وهو ما يرفضه الكثير من ملاك تلك الشركات، والذين قد يفقدوا مناصبهم التي اكتسبوها طوال سنوات عمرهم من رئاسة شركات مغمورة، أقصى طموحها هو التنافس على أقل من واحد بالمائة من حجم التداول بالبورصة، ويفضلون العمل في الظل، بعيدًا عن المنافسة مع "الكبار".
الجريدة الرسمية