حكومتنا الذكية تنصح المواهب بالهجرة
في مصر يمكنك أن تجد شعبًا وحكومة يلتفون حول ساحر أو حاوى أو ضارب ودع، ففضول هؤلاء وأولئك لمعرفة أشياء تخفى عنهم أكبر من طاقاتهم لاحتمال مناقشة عالم أو الاهتمام بموهبة منحها الخالق لإنسان من بنى مجتمعهم ووطنهم، وربما يدفعهم ظهوره أمامهم إلى امتلاء صدورهم بالغيرة والغل نحوه حتى يهجر محيطهم.
تلك خلاصة مكالمتى أمس مع السيدة هدى محمد أحمد والدة محمد حمدى تركى، الموهبة الربانية الذي يصر على البقاء في وطنه ونفعه بما منحه الخالق، لكن 3 سنوات مضت حولته إلى "زبون" لأصحاب العيادات النفسية، حسب قولها، بعد مالاقاه من إهمال مسئولين وعدوه بأن يكون له نصيب في خدمة بلده.
تقول السيدة "هدى" بصوت مكتوم، "تخرج ابنى محمد في كلية الآداب قسم الإعلام بجامعة الإسكندرية عام 2012، وهو مولود في الكويت حيث كنا نعيش ونعمل أنا ووالده، وظهرت موهبته التي وصفها علماء بالمنحة الربانية، منذ أتم عامه العاشر، ساعدته عادة القراءة وحب الإطلاع منذ الصغر على أن يكون موسوعة ثقافية فريدة".
وأضافت السيدة "هدى"، "ابنى عبقرى في علم التواريخ والفلك ويصل بك إلى المعلومة بسرعة تتجاوز الكمبيوتر، وله ذاكرة خارقة في تحديد الحدث باليوم والساعة، يحدد المواسم الدينية فلكيا قبل موعدها بكل دول العالم بسنوات وبسرعة متناهية، ذاكرته يمكن الاستفادة منها في علاج ضعفها عند آخرين، لديه قدرة خارقة على التوقع وتحديد توقيتات أحداث مختلفة".
وتابعت الأم، "وصلنا الإسكندرية للاستقرار فيها بعد ثورة يناير، وبدأت رحلة البحث عن فرصة لتبنى موهبته من قبل علماء ووزراء، وانتهت رحلتى معهم إلى نصائح الجميع لى بأن أغادر معه البلاد وأبحث عن مستقبل له في وطن آخر، علماء المركز القومى للبحوث الفلكية اتفقوا على موهبته الربانية ونصحونى بالتردد على وزارة البحث العلمى لتتبناه علميًا، لكن أحدًا من القائمين عليها لم يهتم به، حتى وعود الوزيرة السابقة لم تضف جديدًا لأمره، علماء بمدينة زويل قالوا إن موهبته لا مجال لاستثمارها في مصر..!!".
واستطردت الأم، "وزير البحث العلمى الحالى قابل ابنى وانبهر بموهبته لكنه لم يتخذ أي إجراء للاستفادة بها أو تبنيها".
فهمت تمامًا من حديث الأم أن محمد الحاصل على دكتوراه فخرية من المركز العلمى بالكويت، لديه ذاكرة يمكنه معها إجراء حسابات معقدة وحساب تواريخ قديمة ومستقبلية، ويمتلك موهبة ربما لا يستطيع القائمون على المؤسسات العلمية في مصر تصنيفها، لذلك نصحوه بالسفر إلى الخارج حتى يعمل لدى مؤسسة معنية بمثل موهبته.
ورغم تفهمى لآراء "علماء الحكومة" بشأن موهبته، إلا أن تساؤلات ضربت أركان رأسى بشأن موهبة محمد، فلماذا نلهث خلف موهبة كروية وندفع الملايين لنشاهدها دون أن نصل معها وبها إلى العالمية؟ ولماذا نتباهى بمواهب فنية يرعاها نقاد ومخرجون وتتجاوز أجورها الملايين دون أن تمتعنا صراحة بفنٍ حقيقي؟ ولماذا كل تلك التعقيدات وإهمال رعاية موهبة ربانية تفيدنا في الوصول لأشياء لا نقول إننا لا نعلمها، ولكن ربما نخسر الكثير حال عدم علمنا بها؟
حديثى عن محمد حمدى ليس ترويجًا لمنجم فهو ليس كذلك، أو تلميعًا لشخص لم أقابله ولم أطل على مقابلته للتليفزيون الرسمى إلا مصادفة بعد أن حدثنى عنه المستشار الإعلامي لوزير البحث العلمى، لكن شهادات هؤلاء بحقه تدعم تأكدى من حقيقة اعتراف المسئولين "كأفراد" بموهبته، دون كسر الروتين الممل والتقليد الرسمى السخيف، لضمان استمرار هذه الموهبة داخل حدود وطن يبحث عن كل ساعد في مرحلة بناء المستقبل، وكم من السواعد هجرته لتبنى أوطانًا لغيرها.