رئيس التحرير
عصام كامل

طقوس أفراح القبائل العربية بالفيوم.. مزاد علني على براد الشاي.. والنجوع تباع لحساب الضيوف.. وكسر الأصلة عند بعضهم يعني عقد القران وردها يعني الرفض.. والقعدة والعراسة تكافل اجتماعي ودين على العريس

راتب راجح النساب
راتب راجح النساب العربي

للعرب عادات وتقاليد وطقوس في المناسبات راسخة منذ مئات السنين، ففي الزواج مثلا لدينا في قرى مركز طامية كنموذج من القبائل المستقرة يتم في يوم الحناء عقد جلسة في بيت أحد أصدقاء العريس يكون متفقا عليه قبل الفرح بشهر على الأقل ويعتبرها العرب مجاملة للصديق.

القعدة
هذه الجلسة يطلق عليها مسمى (القعدة) وننتخب من بيننا أكثرنا لباقة وكياسة لينصب على القعدة قاضيا، ثم الذي يليه ينصب وزيرا للقاضي ويبدأ القاضي بتحصيل رسوم القعدة، عادة تكون مبلغا زهيدا لا يزيد على الجنيه توضع في حصالة يتم تجميع الغرامات عليها طوال الليل لتوضع في يد العريس.

ويتابع شيخ العرب راجح يونس "النساب" وهو شخص يهتم بأنساب العرب: إن أغرب شكوى تقدم بها أحد الحاضرين في فرح واحد من أبناء عمومتنا أثارت ضحك الجميع واستغرابهم فقد رفع أحد الضيوف يده وأذن له القاضي بالكلام.

فقال الشاكي: أشتكي الجار الذي اتفق معي على أن نزرع أرضنا سكر وبعد أن زرعت أنا زرع هو أرضه نمل فأكل نمله سكرنا وحكم القاضي على زارع النمل بالغرامة مائة جنيه.
العراسة

وفي الصباح تقام جلسة أخرى يطلق عليها "العراسة" وهي تشبه قعدة الحنة إلا أنها تتكون من شباب فقط بخلاف القعدة التي تشمل الكل كبيرا وصغيرا ثم أن العراسة ليس لها قاضي، وفي العراسة تباع القرى والنجوع المجاورة للضيوف بالمبلغ الذي يتفق عليه بينهم وبين صاحب الدار ثم ينطلق المشترون إلى النجوع التي اشتروها ويسألون كل من يلتقون به وكل البيوت عن حق العراسة.

منهم من يعطيهم مالا ومنهم من يعطيهم خبزا أو قمحا وذرة وبعض السيدات تمنحهم بيضا وجبنا ثم يعودون بما حصلوا عليه إلى العراسة فإما أن يشتري صاحب الدار ما حصلوا عليه وإما يتركوه ليبيعه أو يحصل عليه لنفسه مقابل ثمن الشراء الذي اتفق عليه مسبقا.
براد الشاي 
ولدى ابناء عمومتنا في بعض القرى المجاورة لبني سويف والكلام لراتب راجح يتم دعوة الأهل والأصدقاء أيضا في بيت أحد أصحاب العريس ثم يغلون برادا من الشاي يقام عليه مزادا علنيا يصل سعره أحيانا إلى 100 ألف جنيه ثم يأخذ البراد من رسى عليه المزاد ويدور على كل الحضور يصب لهم بعضا من الشاي و"ينقطه" الضيف كل حسب مقدرته ويتم تسجيل اسمه أنه حضر ونقط القعدة؛ لأن هذا واجب على العريس لا بد أن يرده في مثل هذه المناسبات.

ثم ينطلق بعد ذلك إلى بيت العريس ليصب الشاي لضيفات والدته ويتحصل على النقوط أيضا وكل ما يحصل عليه هنا يعود إلى جيبه، فهي مقامرة ولكن ليست بغرض المكسب بقدر ما هي مجاملة للعريس في ليلة حنته.
مقسوم عندكم
ويضيف راتب: أما أبناء عمومتنا في القبائل الرحل فطقوس الزواج لديهم ممتعة تبدأ منذ أن يرغب الشاب في الزواج فيخبر والدته التي تخبر الوالد بدورها فيعقد الأب جلسة مشورة مع الابن الأكبر، وإن لم يجد يكون مع أبناء العمومة لاختيار عروس للشاب غالبا تكون من أبناء عمومته؛ لأن كل أبناء قبيلة يزوجون ويتزوجون من قبيلتهم ويستقر الأمر على عروس فيتم تكليف وفد من النساء لزيارة أم العروس وتقول أم العريس لها: (ولدي فلان) له مقسوم عندكم ثم تخبر والدة العروس والدها وهنا أحيانا تقع كارثة؛ إذ إن والد العروس لو كان لديه أكثر من بنت، فهو الذي يختار البنت التي تذهب إلى بيت ابن عمه (العريس) وبعد أن يستقر الأمر وغالبا لا يرفض والد العروس طلب أبناء عمومته فيتفقون على موعد للخطبة.

عقد موثق
عند الموعد المحدد يرسل والد العريس قبلها خروفين إلى والد العروس وفي اليوم المحدد يقول شيخ القبيلة: اشهدوا أن فلانا ابن فلان له مقسوم في بيت عمه فلان ابن فلان، ويعتبر هذا بمثابة العقد الموثق حتى لو استمرت الخطبة عشر سنوات وقبل الزواج بشهر يبدأ الشباب في التجمع أمام بيت (خيمة) العريس ويظلون طوال الليل يصفقون ويتغنون أغاني (علم) ويظلون يرددون الأغاني حتى تدخل الحجالة وهي إحدى قريبات العريس وتظل ترقص على كفوف الحاضرين ذهابا وعودة في خط مستقيم.

يخرج أحد الشباب واضعا عصاه في الأرض أو سلاحه أو يطلق عيارا ناريا في الهواء ويقول (لزومي) وهذا يعني أنه هو الذي يقوم بالغناء وفي أكثر الأوقات الحجالة هي التي تختار من يصاحبها في الغناء إما بأن تقف أمام شخص وتضع عصاها على رأسها أو تغرسها أمامه وترقص وهي واقفة دون حركة فلزاما عليه أن يصاحبها في الغناء ولا يكف عن ذلك حتى تتحرك الحجالة هنا يصمت.

الشبرية
أما إذا أشارت بعصاها على الجميع معناها أن كفوف الرجال لا تعجبها وعليهم زيادة التصفيق حتى تختار من يصاحبها في الغناء.
ثم يأتي يوم الزفاف ويبدأ الثامنة صباحا فتصطحب النساء العروس في الشبرية (الهودج) إلى الدار الكبيرة (خيمة كبير القبيلة) وتقام هناك الموائد حتى بعد غروب الشمس فيتم اصطحاب العروس ومعها صندوق حاجياتها الشخصية إلى بيت (خيمة) العريس وبعد دخولها يمنع المرور من أمام هذه الخيمة طوال هذه الليلة.

الطلب مرفوض
ويستطرد راتب: أما أبناء عمومتنا من قبائل المشارقة فلديهم عادة في الخطبة لا ينازعهم فيها أحد فعند تقدم العريس إلى والد العروس يصطحب والد العريس معه أصله وهي ساق الفول أو أي عصا ويقول لوالد العروس مقسوم ولدي عندك فيأخذ منه والد العروس الأصلة فيكسرها وهذا معناه أن الكلام لا رجعة فيه، وإن أعادها فطلب العريس مرفوض.

الجريدة الرسمية