رئيس التحرير
عصام كامل

هكذا.. قدمنا أنفسنا لقمة سائغة لأمريكا والغرب!!


بينما انشغل العالم أجمع بمباريات الإثارة والمتعة في مونديال البرازيل الذي انتهى منذ شهور قليلة انشغلنا نحن أمة العرب والإسلام بمشاهد الدم والدمار من العراق إلى سوريا وليبيا والسودان.. ولا أدري هل خرجت بلادنا من الإسلام فجاءتها "داعش" و"جبهة النصرة" وفلول القاعدة وغيره من تنظيمات التطرف والإرهاب لتعيدها ثانية إلى حظيرة الإسلام بالعنف والإكراه واستهداف المدنيين الأبرياء.. وهل هذه هي صورة الإسلام المشرق السمح الذي ساد الدنيا بانسانيته وعدالته وهداه..

وهل أدركت شعوبنا أن مثل هذه التنظيمات الراديكالية بأفعالها تقدم الوطن العربي لقمة سائغة للغرب وإسرائيل لتمزيقه وتقسيم شعوبه ومناطقه تمهيدًا للسيطرة عليه.. فهذا إخواني.. وذاك سلفي.. وهؤلاء سنة وأولئك شيعة وأكراد وتركمان.. وضاعت العروبة والمواطنة وانهدمت أعمدة الدول وجيوشها وانفرط عقدها.. ولم يبق إلا مصر التي لم تسلم من مخططات الغدر والخيانة من أعداء الداخل والخارج !!

وكما نعرف انتهت مباريات المونديال وتوجت ألمانيا بطلًا للعالم للمرة الرابعة في تاريخها وبقى السؤال: لماذا نجحت الساحرة المستديرة فيما أخفقت فيه السياسة.. بل كيف جمعت الكرة ما فرقته السياسة.. هل السبب إدارة اللعبة بقواعد عادلة شفافة بقانون ينصاع الجميع له دون استثناء ولا وساطة ولا مؤامرة ولا استقطاب ومصالح خاصة وازدواجية معايير.. ثم أليس المتنافسون هنا هم ممثلو كل دولة عظمى وصغرى.. كيف تخرج أمريكا وتبقى الأرجنتين.. وكيف تخسر البرازيل سيدة العالم في كرة القدم والتي احتضنت البطولة على أرضها هذه الخسارة المذلة دون أن تنهار البطولة أو تفشل.. ؟!

كلمة السر في نجاح كرة القدم هي عدالة المعايير وهي ما يفتقده النظام الدولي بمؤسساته وآلياته الحالية فلا الأمم المتحدة ولا مجلس الأمن يتعاملان مع القضايا هنا كما يتعاملان هناك.. وثمة دول مارقة ترفض الامتثال للمنظومة الدولية حتى باتت تلك المنظومة سيفا مصلتا على رقاب الدول الضعيفة..

وكم من قرارات دولية للمنظمة الأممية ومجلسها الأمني ضاعت سدى ولم تأبه بها إسرائيل.. الأمر الذي يضرب مصداقية هذا النظام الدولي وسمعته في مقتل ويجعل ثمة ضرورة لتغيير هذه المنظومة.. الأمر ذاته ينطبق على جامعة الدولة العربية التي ماتت إكلينيكيا منذ غزو العراق للكويت ناهيك عن احتلال أمريكا لبلاد الرافدين.. ثم أخيرًا ما يحدث في غزة.. ؟!

في كرة القدم تنافس شريف وفق قواعد شفافة ملزمة للجميع.. وهو ما يجعلنا إزاء أسئلة عديدة.. لماذا لا تجري أمورنا بسلاسة كرة القدم وشفافيتها.. لماذا لا ترضخ الدول كبيرها وصغيرها لقواعد الشرعية الدولية ومواثيق حقوق الإنسان والشعوب.. لماذا يتجدد الاستعمار واستغلال الشعوب الفقيرة من جانب الدول الكبرى على طريقة الرأسمالية المتوحشة وقواعد العولمة المشئومة..؟

الإجابة ببساطة لأننا أعطينا القانون إجازة فضاعت العدالة وغابت الشفافية.. ينطبق هذا على مجتمع الأفراد ومجتمع الدول على السواء.. والنتيجة أن فقد القانون احترامه ومصداقيته، وصارت العدالة فريضة غائبة.. والمجتمع شريعة غاب، فيه التطرف والأحقاد، فيه العنف والكراهية وروح الانتقام وسيطر منطق القوة.. فمن قال إن خمسًا من الدول تتحكم بمصائر العالم وتحظى بحق الفيتو الذي يجعلها فوق الدول والقانون، ويجعلها الخصم والحكم معًا.
الجريدة الرسمية