رئيس التحرير
عصام كامل

دور الأسرة في بناء تقدير المرأة لذاتها


الحقيقة أن الكلام الرائع في وصف مكانة المرأة وأهمية دورها في الحياة لا ينتهي، لكن الأهم من الكلام هو التطبيق العملي - الذي لم يرتق بعد للدرجة المرجوة- لتحظى المرأة بالمكانة التي تستحقها، فنظرتنا للمرأة في مجتمعاتنا الشرقية مازالت قاصرة، مغلوطة ومتخلفة، لذلك نجد الكثير من الممارسات الهدامة الناتجة عن تلك المعتقدات الخاطئة منها على سبيل المثال:


نظرة المجتمع لمن فاتها قطار الزواج، ألم نسأل أنفسنا يوما لماذا تشعر تلك الفتاة بالإحراج وكأنها لم تتزوج لنقص أو عيب فيها فتعيش تعاني نظرات الشفقة وتعليقات المقربين الجارحة فتتجنب الاندماج في المجتمع وتختار الابتعاد، في حين قد يفتخر الشاب بعزوفه عن الزواج وكأنه شهريار عصره وأوانه ؟

كذلك الحال في الطلاق، حيث تصبح وصمة عار على جبين المطلقة تسعى دائما لإخفائها، أما الرجل فكأن شيئا لم يكن ودائما يستطيع أن يبدأ من جديد !

وأتعجب لماذا يقابل الزوج زوجته العاملة الكادحة (خاصة العاملات في المهن البسيطة) بعد يوم عناء وشقاء بالتوبيخ والإهانة وقد يصل الحال للضرب؟ بدلا من أن يقابلها بالمودة بالامتنان والعرفان بدورها في الأسرة حيث تشاركه الإنفاق وتتحمل أعباء المنزل وإدارة شئونه؟ وقد يكون السبب أنها تأخرت في إعداد الطعام مثلا، وتقابله هي بالخضوع والخنوع، والانكسار الذي تعودت عليه. وللأسف أصبحت وكأنها ظاهرة !

ولماذا تلام الفتاة المتحرش بها أو المعتدى عليها وقد يقتلها أهلها في بعض المجتمعات، وكأنها الجاني وكأنها من سعت للاعتداء على نفسها مع أنها هي الضحية المجني عليها ؟

وكيف أن بعض الأسر -في الريف والصعيد- بالرغم من مكانتهم الاجتماعية، العلمية، لا تورث البنت حتى الآن !! كي لا يذهب ملكهم لعائلة أخرى !! والنتيجة تتمتع زوجة ابنهم وتحرم ابنتهم ! ما هذا التفكير الجاهل الظالم الهادم!

أعتقد أنه آن الأوان أن نغير تلك المفاهيم البالية والمهينة للمرأة التي كرمها الله تعالى وأوصانا بها رسوله صلى الله عليه وسلم خيرا.

لكن هل حقًا تمتلك الأسرة مقومات تعزيز تقدير الفتاة لذاتها وتغيير نظرة المجتمع ؟
والإجابة نعم، يقع على الأسرة العبء الأكثر تأثيرا وفاعلية في تشكيل شخصية الفتاة وبناء ثقتها بنفسها، فمثلا إدراك الوالدين أن تأثير علاقتهما في الأبناء له الدور الكبير، فلا ينبغي أن ترى الفتاة والدها وهو يوبخ أمها أو يسخر منها أو يقلل من شأنها فتشب الفتاة على عقيدة تربوية مشوهة مفادها أن النساء درجة ثانية فتتقبل الإهانة والمذلة من أي إنسان وعندما تتزوج تصبح الإهانة إذا ما تلقتها من زوجها أمرا طبيعيا.

لذلك يجب أن يتعامل الوالدان باحترام وتقدير متبادلين، ومن الضروري أن يمدح الزوج زوجته أمام الأبناء ويحثهم على برها، فتقدر الفتاة نفسها ويتعلم الابن كيف يحترم زوجته في المستقبل، ولابد من تقدير البنت والثناء عليها والتحاور معها وتنمية ملكاتها والاعتداد بآرائها هي والولد على حد سواء.

أيضًا على الأسرة المساواة بين البنت والولد في جميع الحقوق والواجبات، وتجنب المقارنة بين الأبناء، فلا يجب على سبيل المثال تحميل البنات مسئولية أعمال المنزل دون الذكور بزعم أنها أعمال لا تليق بالرجولة المرجوة لهم، فالتمييز والتفرقة مرفوضان سواء كانت تفرقة معنوية كإعطائه حق السيطرة والتحكم، أو تفرقة مادية كالتمييز في التعليم والمصروف والمأكل والملبس... فلتحرص الأسرة على توزيع الواجبات والحقوق على الجميع بطريقة عادلة، الأمر الذي يخلق مناخًا مليئًا بالحب والاحترام والتعاون كذلك الشعور بالمسئولية المشتركة.
Nivanyassin@gmail.com
الجريدة الرسمية