فى جنوب سيناء.. التسول بأساليب مبتكرة.. شحاذة أرسلت لذويها حوالة بــ 10 آلاف جنيه.. ومتسول يرفض عرض عمل بــ 2250 جنيها
انتشرت ظاهرة التسوّل بشكل مخيف فى محافظة جنوب سيناء، وبخاصة فى العاصمة طور سيناء، ففى السابق كان المتسول يمد يده متكففاً قيمة الرغيف أو الدواء معتمداً على ما لديه من قدرات درامية فى تمثيل شخصية الذليل البائس الذى تحالفت عليه مصائب الدهر وتقلباته مضافاً إليها أمراضه أو أمراض عائلته.
وهذه الطرق أصبحت اليوم بدائية، بعد أن كانت الوسيلة الصالحة للاستخدام فى زمن ما قبل الحداثة والإنترنت وثورة المعلومات، أما الآن فتستخدم أساليب مبتكرة للتسول تواكب آخر ما وصل إليه العالم من تطور، حيث أصبح مهنة متخذة طابع العمل المؤسسى الذى يقوم على الإدارة والتنظيم.
يقول حامد كامل ( موظف بالتربية والتعليم )، وأحد رواد مسجد المنشية بطور سيناء: " لم نعهد بوجود هذه الظاهرة من قبل، ولكنها ظهرت فى الآونة الأخيرة، ربما لانتشار الفقر".. مضيفا "أنه من الغريب أن هؤلاء الشحاذين ليسوا من أبناء المحافظة أو المقيمين فيها، لأن أبناء المحافظة يعرف بعضهم البعض.
واستطرد.. إن إحدى السيدات ادعت أنها من محافظة كفر الشيخ، واصطنعت قصة بأنها كانت من الأثرياء ودار بها الزمن واعتادت المجىء إلى جنوب سيناء؛ لطيبة أهلها على حد قولها، فتعاطف معها أهل الخير، وبعد أيام قليلة تبين أنها أرسلت حوالة بريدية قيمتها 10 آلاف جنيه لذويها فى المحافظة التابعة لها.
وأشار إلى أن التسول فى جنوب سيناء له طابع تنظيمى، موضحا أن المتسولات يقمن بتأجير إحدى الشقق السكنية لمدة شهر أو شهرين يتم خلالها تجميع الأموال من أهل الخير ثم يسافرن إلى محافظاتهن، وعندما توشك الأموال على الانتهاء تعودن مرة ثانية وهكذا.
وتابع: هناك متسول لا تبدو عليه أعراض للمرض، ولا يتعدى سنه الأربعين، يتواجد بصفة مستمرة أمام مسجد المنشية بطور سيناء مع أطفاله الثلاثة، وعندما قمنا بتوفير عمل له بأجر يومى 75 جنيها رفض!!.
وطالبت شريفة الحنفى ( موظفة بمجلس مدينة طور سيناء ) المسئولين والأجهزة الأمنية بسرعة التدخل للقضاء على هذه الظاهرة قبل تفاقمها، لافتة إلى أن الموضوع لم يعد قاصرا على طفل أو سيدة تطلب مساعدة من الناس فحسب، بل تطور الأمر فأصبح الأطفال يدخلون المحلات التجارية بغرض السرقة، فضلا عن أن انتشار الظاهرة بالمدينة أصاب الأهالى بحالة من الرعب والقلق على أطفالهم.
وقالت سحر أحمد عبده ( إخصائية نفسية ): "إن تجاوب الناس مع المتسولين بطريقة عفوية هو نتاج ثقافة مجتمع، وثقافة دينية، وخجل من رد السائل، لكن لو تذكر الناس أن المتسول يسأل يوميا مئات الناس، وربما الآلاف غيره، وأن تجاوبهم معه حرم المجتمع من طاقة منتجة لتراجعت ظاهرة التسول.
وأضافت أن ظاهرة التسول مشكلة اجتماعية آخذة بالازدياد مع انتشار حالات البطالة والفقر والتشرد، ولكن ما يلفت الانتباه دخول العديد من الأطفال والنساء هذا المجال الذى يوشك أن يتحول إلى مهنة تدر على أصحابها الأموال الطائلة.
وأشارت إلى أن الانهيار المدمر الذى شهدته المجتمعات الإنسانية، أصبح اليوم بؤرة خطر تهدد المجتمعات بعد أن تحولت ظاهرة التسول إلى سلوك إجرامى، أخذ يجرف فى طريقه الضال فلذات الأكباد.
وأرجعت أسباب التسول إلى الحقد الاجتماعى، الذى ترى أنه يلعب دورا كبيرا فى تفاقم الظاهرة ، معللة بأن المتسول يعتقد خطأ أنه يأخذ حقه من المواطنين الذين سلبوه حقه فى حياة كريمة، ويلجأ للتسول لأنه أفضل السبل لأخذ هذا الحق بدلا من اللجوء إلى السرقة أو النصب!.